يمكن تقسيم العمائر الإسلاميّة التاريخيّة إلى دينيّة ومدنيّة. المباني الدينيّة كالجوامع والمدارس أكثر ديمومة من المدنيّة كالقصور كون الأولى منشئات عامّة، وقصور المدن أسرع زوالاً من قصور البادية نظراً لحاجة الناس الماسّة إلى الأرض في المدن، وهكذا اندثر قصر معاوية "الخضراء" بينما بقيت آثار قصر الحير الغربي، أحد منشئات هشام.
يقع قصر الحير الغربي في بادية الشام بين دمشق وتدمر على بعد ثمانين كيلومتراً جنوب غرب عاصمة زنوبيا. شَمَلَ المجمّع بستاناً واسعاً بطول ١٠٥٠ متر وعرض ٤٢٢ متر يسوّره جدار من الآجر، وفيهِ موزّع للمياه (طالع)، وخزّان لهذه المياه، وقناة مقنطرة لجرّها تعود إلى العهد الروماني، إضافةً إلى بعض آثار دير بيزنطي، ممّا يدلّ أنّ الموقع كان مأهولاً قبل دخول العرب المسلمين إلى بلاد الشام . القصر ذو طابقين، مربّع الشكل، طولُ ضلعِهِ ٧٠ متراً، يتوسّطه صحن يحيط به رواق معمّد تنتظم خَلفَهُ المجموعات السكنيّة.
يُنْسَبُ هذا القصر إلى الخليفة الأموي هشام استناداً إلى نقشٍ كتابي بالخطّ الكوفي عُثِرَ عليه في أطلال خان يبعد ١٠ كيلومترات عن القصر:
"بسم الله الرحمن الرحيم. لا إله إلّا الله وحده لا شريك له. أمر بصنعة هذا العمل عبد الله هشام أمير المؤمنين أوجب الله أجره. عمل على يدي ثابت في رجب سنة تسع ومائة" (*).
(*) الموافق تشرين أوّل أو تشرين ثاني ٧٢٧ للميلاد.
الصورة لمجسّم القصر عن الريحاوي.
عبد القادر الريحاوي. العمارة في الحضارة الإسلاميّة". جامعة الملك عبد العزيز ١٩٩٠.
Gérard Degeorge. Syrie. Art, Histoire, Architecture. Hermann, éditeurs des sciences et des arts 1983.
No comments:
Post a Comment