أطلّت صورة هذا الأمير الأوغاريتي علينا من ورقة الخمسمائة ليرة سوريّة (١) بدايةً من العام ١٩٥٨. الأصل تمثال عاجي صغير (٢) من مقتنيات متحف دمشق الوطني يعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد .
شاءَت الصدفة أن يقع فلّاحٌ سوري على مدفنٍ يحتوي على العديدِ من العاديّات الفخّارية أثناءَ حراثةِ حَقْلِهِ في آذار عام ١٩٢٨. المكانُ قرب خليج المينا البيضا على بعد حوالي اثني عشر كيلومتراً من اللاذقيّة. أرسلت السلطاتُ المعنيّة في العام اللاحق بعثةً للتنقيب في تلّ رأس شمرة المجاور على رأسِها Claude Schaeffer، وكانت النتيجةُ اكتشافَ مدينة أوغاريت المذكورة في نصوص تلّ العمارنة وبعض الوثائق الحثيّة.
تجلّى من سَبْرِ الموقع أنّهُ كان مأهولاً منذ الألف السابع قبل الميلاد، أي قبل اكتشاف الفخّار. ظهر البرونز في الألف الثالث مع مجيءِ الكنعانييّن (٣)، الذين فرضوا لُغَتَهُم على السكّان الأصلييّن وسيطروا بالنتيجةِ على المدينةِ حوالي ٢٣٠٠ ق.م.
ازدهرت المدينةُ في بداية الألف الثاني، وأقامت علاقاتٍ تجاريّةٍ مع وادي النيل وكريت واليونان وقبرص، وأغنى العديدُ من الوافدين، من الحورييّن والحثييّن والقبارصة والمصرييّن، حضارَتَها. ازداد النفوذ المصري اعتباراً من القرن السادس عشر ق.م.، وأرسل الفرعون تحوتمس الثالث في النصف الأوّل من القرن الخامس عشر مجموعةً من عسكرهِ المرتزقة للإقامة في أوغاريت. وقعت المدينة في دائرة نفوذ الحثييّن في القرن الثالث عشر ق.م. بعد معركة قادش التي تلاها اقتسامُ سوريّا بينَهُم وبين المصرييّن.
دُمِّرَت أوغاريت على يد شعوبُ البحر في مطلع القرن الثاني عشر.
____________
١. "أمّ الطربوش".
٢. يبلُغُ ارتفاعُهُ ١٦ من عشيرات المتر.
٣. الفينيقيّون كما سمّاهم اليونان.
٤. أتت هذه الشعوب من الشمال، وانتهى عَصْرُ البرونز في الشرق الأدنى ليبدأ عَصْرُ الحديد.
Gérard Degeorge. Syrie. Art, Histoire, Architecture. Hermann, éditeurs des sciences et des arts 1983.
No comments:
Post a Comment