Saturday, March 2, 2019

ضياع سجلّ أوقاف الجامع الأموي


بدأت القصّة في أواخر سبعينات القرن العشرين عندم اكتشف السيّد بسّام الجابي بمحض الصدفة مخطوطة كشف وقفيّة جامع بني أميّة الكبير في أحد مكاتب هذا الجامع وكان ذلك عندما كان في سبيله لتوثيق أرشيف تمويل الأموي في مطلع القرن العشرين.

كان للسيّد الجابي وقتها اتّصالات مع المعهد الفرنسي للدراسات العربيّة في دمشق (حاليّاً المعهد الفرنسي للشرق الأدنى) وأدرك على الفور خطورة اكتشافه فقام بناءً عليه بإخطار المعهد واستصدار إذن من إدارة الجامع بتصوير المخطوط الثمين وإعطاء نسخة منه إلى المعهد الفرنسي بنيّة نشره وتحقيقه بالاشتراك مع الأستاذة سراب أتاسي والزميل الفرنسي الأستاذ Jean-Paul Pascual وكلاهما وقتها أمناء علمييّن في المعهد المذكور. 

لسبب ما بقي المشروع في مراحله الأوّليّة ونام لفترة ثلاثين عاماً في غياهب النسيان حيث كانت مراجعته والاطّلاع عليه محصورة لنزر يسير من البحّاثة والأخصّائييّن. دام هذا الوضع حتّى أواخر تسعينات القرن الماضي عندما انضمّت الأستاذة Astrid Meier إلى فريق العمل وأخذت بعد الحصول على موافقة المجموعة الأصليّة مبادهة إحياء المشروع بالاشتراك مع الأستاذة Élodie Vigouroux والأستاذ Mathieu Eychenne وتوّجت جهودهم بالنتيجة عام ٢٠١٨ بعد سنوات من العمل الدؤوب في مجلّد ضخم تتجاوز عدد صفحاته السبعمائة ويبلغ وزنه ثلاثة كيلوغرامات بعنوان "أوقاف الجامع الأموي في دمشق". 

جرى العمل من ألفه إلى يائه استناداً إلى النسخة التي ائتمن الأستاذ بسّام الجابي المعهد الفرنسي عليها مشكوراً أمّا عن الأصل الذي يعود لعام ١٥١٨ فقد فقد بقدرة قادر ولربّما إلى الأبد. يحقّ للمرء أن يتسائل عن الكيفيّة التي تمّ بها فقدان وثيقة تاريخيّة من هذا النوع وبهذه الأهميّة يقارب عمرها خمسمائة سنة في أواخر القرن العشرين هكذا دون تفسير ويتلاشى العجب إذا تذكّرنا الطريقة الهمجيّة التي عوملت بها الأوابد السوريّة في عهد الاستقلال وكم منها هدم وكم منها أهمل ليتداعى ويتهاوى ولا داعي لذكر الأمثلة فهي أكثر من كافية ويحضرني هنا القول المأثور في كتاب كليلة ودمنة "إنّ أرضاً تأكل جرذانها الحديد ليس بعجب أن تختطف بزاتها الفيلة". 

صورة الغلاف الملحقة من مجموعة بدر الحاجّ لدمشق عام ١٨٧٠. 

للحديث بقيّة.  



No comments:

Post a Comment