الكتاب من منشورات جامعة أكسفورد عام ١٩٩٠، والمؤلّف دانيل پايپس، أمريكي من مواليد ١٩٤٩، وحائز على دكتوراه من جامعة هارڤارد. تعلّم پايپس العربيّة ودرس القرآن، وأصبح من الخبراء المُعْتَمَدين في قضايا الشرق الأدنى الذي كتب في خصوصِهِ عدداً من المؤلَّفات. پايپس يميني الاتّجاه وعدوّ لدود "للإسلام المحارب". أضف إلى ذلك حماسَهُ "لتحرير" العراق على يد الولايات المتّحدة عام ٢٠٠٣. عيّن الرئيس جورج بوش پايپس مديراً لمعهد الولايات المتّحدة للسلام رغم معارضة الكثيرين.
مصطلح سوريّا الكبرى سابقٌ للحزب القومي السوري الاجتماعي وأنطون سعادة، وإن لم يطابقه بالضرورة من الناحية الجغرافيّة. نوّه پايپس منذ البداية، لإزالة أيّ التباس، بأنّه لا يعتقد بوجود أمّةٍ سوريّة ولا أمّةٍ عربيّة، متّفقاً في هذا الرأي مع كثيرٍ من المستشرقين ومنهم لورانس وجرترود بل.
سوريّا كمفهوم جغرافي - وليس جيوسياسي - قديمةٌ للغاية، أمّا فكرة "الأمّة السوريّة" فهي وليدة مطلع القرن العشرين أو نهاية القرن التاسع عشر على أبعد تقدير. اتّخذ هذا المفهوم أكثر من شكل حسب الشخص أو الجهة التي تبنّته. على سبيل المثال:
- شريف مكّة الحسين بن علي، طالب بدولةٍ (بالأحرى إمبراطوريّة) عربيّة تشمل سوريّا والعراق والجزيرة العربيّة. بالنتيجة حكم ابنه فيصل سوريّا ثمّ العراق، بعد أن طرده الفرنسيّون من دمشق؛ وابنه الثاني عبد الله شرق الأردنّ. تقتضي الموضوعية الإقرار أنّ الهاشمييّن كانوا يبحثون عن مملكة أو ممالك، دون التزام فكري أو وطني، وحصلوا على هذه الممالك فعلاً بغضّ النظر عن شكوى بعضِهم ولفيف من مؤيّديهِم ليلاً نهاراً أنّ الإنجليز "خدعوهم". بالطبع كانت حصة عبدالله (الأوّل) في الأردنّ أقل بكثير ممّا حصل عليهِ فيصل في العراق؛ لربّما كان هذا أحد العوامل التي أدّت إلى مشروع "سوريا الكبرى" كما تصّوره الأمير، ثمّ الملك عبد الله.
- الأمير عبد الإله - الوصي على عرش بغداد - نادى بمشروع "الهلال الخصيب"، بمساهمةٍ من السياسي المخضرم نوري السعيد. هذا المصطلح، خلافاً لما يعتقده الكثيرون، حديثٌ نسبيّاً، اخترعه المؤرّخ الأمريكي جيمس برستد في مطلع القرن العشرين.
- سوريّا الكبرى كما عرّفها الحزب القومي السوري وسعادة.
- توصّل الكاتبُ في النهاية إلى نتيجةٍ مفادُها أنّ الرئيس الراحل حافظ الأسد، وبغضّ النظر عن المسمّيات، كان الأكثر نجاحاً في محاولة تحويل حلم سوريّا الكبرى إلى حقيقة. بنى پايپس رأيَهُ على وضع الشرق الأدنى في منتصف إلى أواخر ثمانينات القرن العشرين: النفوذ السوري في أوجه في لبنان، منظّمة التحرير الفلسطينية - أو على الأقلّ عدد من فروعها واشتقاقاتها - موالية لسوريّا. حتّى ملك الأردن الحسين حاول رأب الصدع مع دمشق، ونبذ الإخوان المسلمين عام ١٩٨٥، إذ اكتشف على حين غرّة أنّهم خدعوه واستغلّوا طيبةَ قلبِهِ وحسنِ نواياه متستّرين زوراً وبهتاناً بستار الدين (نشرت الصحافة السوريّة كلام الملك. يمكن أيضاَ العودة إلى عدد جريدة السفير الصادر في الحادي عشر من نشرين ثاني ١٩٨٥).
الكتاب طبعاً سابقٌ لغزو العراق الكويت، وسقوط الاتّحاد السوڤييتي، واتّفاقية أوسلو، ثمّ تبادل العلاقات الديپلوماسيّة بين الأردنّ وإسرائيل.

No comments:
Post a Comment