Tuesday, February 14, 2017

دليل الجمهوريّة السوريّة في خمسينات القرن العشرين



أملك نسختين من هذا الكتاب القيّم الصادر عن المديريّة العامّة للإعلام في دمشق، إحداهما تعود إلى العام ١٩٥٥والثانية إلى ١٩٥٧. لا أعلم متى صدرت الطبعة الأولى، ولا إذا كان الكتاب دليلاً عُدِّل ونُقِّح  سنويّاً، ولا متى صَدَرَت طبعَتُهُ الأخيرة، بغضّ النظر عن تحوّل التسميّة إلى الإقليم الشمالي للجمهوريّة العربيّة المتّحدة عام ١٩٥٨، ثمّ الجمهوريّة العربيّة السوريّة عام ١٩٦١. موضوع الحديث دليل سوريّا كما كانت، أو على الأقل كما بَدَت، في منتصف خمسينات القرن العشرين. عدد صفحاتِهِ مئتان ونّيف من القطع الصغير، قياسُها ١٨٥ في ١٣٠ من معاشير المتر، تتخلّلُها عشراتٌ من الصورالمتوسطة الجودة بالأبيض والأسود. أبدأ بتقديم المساهمين فيه:

السيد فؤاد الشايب المدير العام للإعلام. 
الدكتور عزّة النصّ أستاذ الجغرافيا في كليّة المعّلمين في الجامعة السوريّة.
الدكتور سليم عبد الحقّ المدير العام للآثار.
الدكتور جورج حداد أستاذ كرسي قسم التاريخ في كليّة الآداب في الجامعة السوريّة.
السيد شاكر مصطفى محاضر في التاريخ في كليّة المعلّمين.
السيد أنور رفعت محاضر في التاريخ.
الدكتور سامي الدهّان عضو مجمع اللغة العربيّة في دمشق. 
السيد موسى خوري محاضر في الإنجليزيّة ومترجم الكتاب (أفترض من ذلك وجود نسخة عربيّة). 
الدكتور يوسف سمارة أشرف على طباعة الكتاب.

سأضرب صفحاً عن القسم الذي يتعرّض لتاريخ سوريّا، فهو بشكلٍ أو بآخر لا يتعدّى ما يتعلّمه طلّاب المدارس من الكليشيهات المعروفة التي تخلط السموات بالأبوات، وتتبنّى مفاهيماً مطلقةّ عن الحقّ والعدالة والخير والشرّ، ولا تميّز الثورة عن العصيان، وتخلق صورةً خياليّةً عن ماضٍ مزعوم لا تشوبه شائبة، إلى أن أتى العدوان الغاشم ليسرق ثروات البلاد ويستعبد أهلَها ويستعمل سياسة "فرّق تسد"، وهلمّجرّا. لربّما كان من المجحف لوم المؤلّفين على ترديد ما سمعوه من معلّميهِم، وعلّهم لم يتمتّعوا بما يكفي من الحريّة للإفصاحِ عن آرائِهم الحقيقيّة.

المعلومات عن موارد البلاد وديمغرافيّتها أكثر إثارةً للاهتمام، وتعطي صورةً متفائلةً عن إمكانيّات ومستقبل سوريّا التي قُدِّرَ عددُ سكّانِها آنذاك بثلاثة ملايين وثلاثة أرباع المليون نسمة. من هذا المُنْطَلَق، اعتبر المؤلِّفون أنّ مواردَ البلاد كافيةٌ، إذا استُثْمِرَت كما ينبغي، لسدِّ احتياجات السكّان. قارن الكَتَبَةُ العلاقةَ بينَ هذه الموارد وعدد المواطنين بنظيرِهِ في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وتوصّلوا إلى نتيجةٍ مفادُها أنّ الوضعين متشابهان!

لم يتجاوز عدد سكّان المدن وقتها ٣٠٪ من الإجمالي، أمّا أهل الأرياف فحوالي ٥٨٪، والباقي من البدو أو "أنصاف البدو". توزعّ البشر محكومٌ بطبيعة الحال بالموارد المائيّة؛ يترتّبُ على ذلك أنّ أكثر المحافظات كثافةً فيما يتعلّق بعدد المدن والقرى هي اللاذقيّة، تليها حلب. بالمقارنة احتلّت دمشق المركز السابع ودير الزور التاسع والأخير. 

تشير الأرقام التي أوردها المؤلّفون إلى توزّعٍ مشابهٍ في أعمار السكان لما هو الحال في مطلع القرن الحادي والعشرين. أكثر من نصف الأهالي كانوا تحت عمر ٢١ سنة في بلدٍ زراعي بالدرجة الأولى. بالنسبة للتوزّع حسب الأديان، قُدِّرَت نسبةُ المسلمين بحوالي ٨٥٪، والمسيحييّن نحو ١٤٪، والباقي من اليهود. لا يوجد توزيع طائفي أو مذهبي ولله الحمد، بيد أنّ المؤلّفين أوردوا الفئات اللغويّة وذكروا أن أكبر هذه الأقليّات هي الكرديّة ثم الأرمنيّة فالتركية (التركمايّة) فالشركسيّة.

تعرّض الكتاب كذلك إلى السورييّن المغتربين، فقدّر عددَهم بحوالي مائنتيّ ألف نسمة، ٦٩٪ منهم في أمريكا الجنوبيّة و٧٪ في الشماليّة، و٤٪ في الوسطى، والباقي موزّعٌ بين أوروپا (٧٪) وأفريقيا وآسيا.

أشاد المؤلّفون بالتقدّم الذي حقّقتهُ البلاد في القطاعات الزراعيّة والصناعيّة والتجاريّة، وجزموا بقدرتِها على استيعاب الزيادة المتوقّعة في عدد السكان. 

ختاماً استعرض الكتاب بعضاً من أشهر المعالم الأثريّة في إقليمٍ شديد الغنى بها. من البدهي أنّ حجمَ الكتاب وكثرةَ وتنوّعَ المواضيع التي حاول تغطيتَها، لا تسمح بأكثر من تعريفٍ سريعٍ لهذه المعالم، موجّه بالدرجة الأولى للسيّاح الأجانب.




No comments:

Post a Comment