تحتوي خزانتا العرض الثانية والثالثة في قسم العاديّات الكلاسيكيّة في متحف دمشق الوطني على مختاراتٍ من القطع المصنوعة من الفخّار، أو الطين المشوي، من مُخْتَلَف أراء سوريّا، خصوصاً حمص وحماة والشمال. تتميّز الڤترينة الثانية بآنيتِها التي تأخذ شكلَ حيواناتٍ، بعضُها قولِبَ على هيئةِ جسم أسطوانيّ الشكل لا يتّسم بالتناسق، وبعضُها الآخر أميل إلى الواقعيّة. جميع هذه النماذج لافتةٌ للنظر إلى أقصى درجة. تعرضُ الڤترينة الثالثة تماثلاً صغيرةً في منتهى الجمال للزهرة، وپرسفوني، وإيروس، وسايكي، وآلهة الشمس، وغيرها. هناك أيضاً أمثلةٌ عن الحياة العائليّة والراقصين والعازفين. كُرِّست هذه المنحوتات إلى الأموات لتُدْخِل البهجة على إقامَتِهِم في قبورِهِم، وإلى بيوت الأحياء لتزيينها، وإلى الآلهة لتجميل هياكِلِها.
اختلفت تقنيّة الصناعة تبعاً لعدّة عوامل. نُفِّذَت التماثيل الصغيرة إمّا باستعمال قالبٍ وحيد لوجه الصنم وتشكيل قفاهُ يدويّاً، أو باستعمال قالبين، أحدهما للوجه والثاني للقفا، يُجمعان بعد تكوينِهِما في عجينة الصلصال. يمكن، بعد إنهاء القولبة، إضافة المرغوب أو تحزيز التفاصيل الزخرفيّة في القطعة. تمثّلت المرحلة الأخيرة بطلاء القطعة بألوانٍ حيّةٍ لا زالت آثارُها ظاهرةً على عددٍ كبيرٍ من مخلّفات الماضي.
تدلّ كثرة هذه العاديّات على تواجد ورشات لتصنيع النماذج الفخّاريّة على التراب السوري، علّها وريثة الصناعات التقليديّة في مصر وآسيا الصغرى.
النص: تعريب عن عبد الحقّ (صفحة ٨٧).


No comments:
Post a Comment