أَلَيْسَ أَبَانَةُ وَفَرْفَرُ نَهْرَا دِمَشْقَ أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ مِيَاهِ إِسْرَائِيلَ؟ أَمَا كُنْتُ أَغْتَسِلُ بِهِمَا فَأَطْهُرَ؟ (الملوك الثاني، الإصحاح الخامس، الآية ١٢).
يتشّعّبُ بردى، أبانة، أو نهر الذهب (حسب اليونان) إلى ستّة فروعٍ أثناء دخولِهِ دمشق لدى خانق الربوة: اثنان شمال سرير النهر الأمّ (يزيد وتورا)، وأربعة إلى الجنوب منه (بانياس، القنوات، المزّاوي، الداراني). الفروعُ التي تسقي المدينة ثلاثةٌ: تورا، بانياس، والقنوات.
القنوات مصدر دمشق الرئيس للمياه، ويُعْتَقَد أنّه شقّ في العهد الروماني. لا ريب أنّ توزيعَهُ عُدِّل أكثر من مرّة خلال الألفين سنة الماضية.
بإمكاننا متابعة مسار القنوات من الغرب إلى الشرق بموازاة بردى على مسافةٍ تُقارِبُ خمسمائة متر جنوب النهر الرئيس، متّجِهاً إلى أعلى مواضع المدينة. يمرّ القنوات عر القشلة الحميديّة (الجامعة السوريّة لاحقاً)، ثمّ شارع القنوات نحو مركز المدينة وأحيائِها الجنوبيّة والجنوبيّة الشرقيّة، ويعطي عدّة فروع قبل وبعد محطّة الحجاز إلى باب سريجة والسويقة، إلى أن يدخل إلى الأحياء ضمن السور.
تتفاوت حصص المياه من حيٍّ لآخر، وتتناقص كقاعدةٍ عامّة، من الغرب إلى الشرق. يترتّب على ذلك أنّ الأحياء اليهوديّة والمسيحيّة تتلقّى كميّاتٍ أقلّ من الماء مقارنةً مع المسلِمة، ممّا يفسِّر إلى حدٍّ ما، سَكَن الأقليّات الحالي، حسب Wulzinger و Watzinger. هناك على سبيل المثال جالية الروم الأرثوذوكس في حيّ مئذنة الشحم التي اضطرّت لحفر الآبار تعويضاً عن شحّ المياه الجارية.
للجوامع، وعلى رأسِها الأموي، أولويّةُ الانتفاع من المياه، تليها الحمّامات. تحاصَصَ الأهالي ما تبقّى، كلٌّ حسب مكانَتِهِ وإمكانيّاتِهِ.
النصّ مقتبس عن Thoumin مع قليل من التصرّف.
Richard Lodoïs Thoumin. Géographie humaine de la Syrie centrale. Librairie Ernest Leroux, Paris 1936.

No comments:
Post a Comment