الفصل الحادي عشر من كتاب La Syrie D'Aujourd'hui مكرّسٌ لمدينة دمشق وواحتها، كَتَبَتْهُ Anne-Marie Bianquis في ٢٥ صفحة زاخرة بالمعلومات المفيدة.
هناك دراسات أكثر تفصيلاً عن تطوّر دمشق في أواخر العهد العثماني (Weber مثلاً). يكفي هنا القول أنّ المدينةَ توسّعت وقتها باتّجاه الغرب، لينتقل مركزُها من داخل السور إلى ساحة المرجة الذي شُيِّدَت حولَهُ وإلى جوارِهِ الأبنيةُ الجديدة والمؤسّسات الإداريّة. تزامنت بدايات هذا التطوّر مع شقّ طريق دمشق وبيروت للعربات (١٨٦٣)، وتلاها سكّة حديد بيروت - دمشق - حوران (١٨٩٤)، فالخطّ الحديدي الحجازي في مطلع القرن العشرين. دخلت الكهرباء دمشق عام ١٩٠٥ (١)، ودخل بعدها الترام، وجُرَّت مياه عين الفيجة في عهد ناظم باشا، وتشكّلت نواةُ ما عرف لاحقاً بجامعة دمشق (الطبّ) عام ١٩٠٣.
مع العهد الفيصلي وفترة الانتداب الفرنسي اللاحقة، أُسِّسَت المكتبة الوطنيّة، والمتحف، ومجمع اللغة العربيّة (محمّد كرد علي)، وتوسّع جَرَّ مياه عين الفيجة (١٩٣٢) ممّا أدّى إلى انخفاض مستوى بردى: ازداد عددُ السكّان كما نرى في الجدول الملحق وازداد أيضاً استهلاك الفرد.
١٩٢٠ = ١٧٠,٠٠٠
١٩٢٥ = ١٨٠,٠٠٠
١٩٣٠ = ١٩٧,٠٠٠
١٩٣٥ = ٢٣٠,٠٠٠
١٩٤٥ = ٢٩٦,٠٠٠
١٩٥٠ = ٣٥٣,٠٠٠
١٩٥٥ = ٤٠٨,٠٠٠
١٩٦٠ = ٥٣٠,٠٠٠
١٩٧٠ = ٨٣٦,٠٠٠
تضاعف عدد سكّان دمشق إذاً خمسَ مرّاتٍ بين الأعوام ١٩٢٠ و ١٩٧٠، مع التحفّظ أنّ الأرقام اعتباراً من ١٩٦٠ أدْخَلَت تحت "مدينة دمشق" القرى القريبةَ منها: برزة والقابون وجوبر والقدم وكفرسوسة والمزّة، التي حُسِبَت سابقاً على ريفِ دمشق. الزيادةُ الديموغرافيّةُ مع ذلك موجودةٌ وملموسة، ولم تقتَصِر يوماً على دمشق أو ريفِ دمشق.
توزّع السكّان
بلغ عدد الفلسطينييّن في دمشق حسب إحصاء ١٩٦٠ حوالي ٦٠٬٠٠٠ نسمة (٢). معظم سكّان المدينة سنّة، بما فيهم ٣٠٬٠٠٠ كردي و ١٢٬٠٠٠ شركسي، أمّا عن عدد المسيحييّن فقد قُدِّرَ بحوالي ١٠٠٬٠٠٠ واليهود ٢٠٠٠.
استمرّ توسّعُ المدينةِ في عهد الاستقلال، ورأى معرض دمشق الدولي النور عام ١٩٥٤، وبنيت ملاعب رياضيّة جديدة (٣) عام ١٩٧٦، وازداد عدد طلّاب جامعة دمشق، وافتُتِحَت كليّاتٌ جديدة. لم يتغيّر عدد دور السبنما (خمسة عشر) والمسارح (خمسة) بين الخمسينات والسبعينات. الحاجةُ ماسّةٌ لزيادة عدد المكتبات العامّة والمراكز الثقافيّة في مدينةٍ تتوسّع باستمرار. هذه النقطة الأخيرة شديدة الأهميّة: على الرغمِ من الجهودِ المبذولة، بقيت الخدمات وبشكل مزمن أقلّ ممّا تطلّبَتهُ الزيادة السريعة في عدد السكّان، بما في ذلك المشافي والسكن (٤)، وترتّبَ على ذلك تزايد "العشوائيّات" حول المدينة مع مُسْتَلزماتِها من الماء والكهرباء والصرف الصحّي التي لم تكن دوماً متوافرةً أو على المستوى المطلوب.
أضافت المناطق الصناعيّة في ريف دمشق (٥) أعبائَها بيما في ذلك التلوّث، رغم محاولة الحكومات السوريّة المتتالية توجيه ما أمكن من هذه الصناعات بعيداً عن المدينة إلى الشمال (٦). أضِف إلى التلوّث الصناعي الصرف الصحّي على بردى وتورا، وبالنتيجة لجأ فلّاحو الغوطة إلى الآبار لترويةِ حقولِهِم مع ما يعنيه هذا من استنزاف المياه الجوفيّة.
هناك في نهاية المطاف الكثير من السلبيّات، بيد أنّ هذا لا ينفي وجود الإيجابيّات: تحسّن الصحّة العامّة، وتناقص خطر الفيضانات والحرائق. يكمنُ التحدّي لأجيال المستقبل ليس في محاولةٍ عبثيّةٍ للعودةِ إلى ماضٍ مثالي روائي، وإنّما في احتواء وتوجيه التوسّع ليضمن لسكّانِ المدينة مقوّمات حياةٍ كريمةٍ قَدَر الإمكان.
____________
١. تأخّر دخول الكهرباء إلى حلب حتّى عام ١٩٢٩!
٢. انخفض عددُ الفلسطينييّن عام ١٩٧٠ إلى ٥٠٬٠٠٠ مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ اليرموك الذي سَكَنَهُ ٧٠٬٠٠٠ فلسطيني أُدْخِل في محافظة "ريف دمشق".
٣. ملاعب "النسور" حسب الأغنية الشهيرة.
٤. أُسِّسَت جمعيّاتٌ سكنيّة ولكنّها لم تكن كافيةً، بغضّ النظر عن الأخطاء الإداريّة والفساد.
٥. الكونسروة والنسيج والإسمنت.
٦. من أسباب هذا التوجيه حماية المعامل من اسرائيل نظراً لأنّ خطوط الهدنة تبعد ٥٠ كيلومتراً فقط عن العاصمة.
٧. الكلام عن ١٩٨٠ عندما صدر الكتاب.

No comments:
Post a Comment