أخرج مجدّداً ومؤقّتاً عن موجودات متحف دمشق الوطني لتغطية هذه التحفة من ماري من مقتنيات متحف اللوڤر في پاريس.
موضوع الحديث تمثال صغير (ارتفاعه ٥٢ عشيرات المتر) من المرمر الأبيض لرجلٍ جالس يرتدي مئزراً من القماش الزغبي. القحف محلوق "على الصفر" - خلافاً لما رأيناه في تمثال الملك لامغي ماري - بينما تتدلّى لحيةٌ قصيرةٌ متموّجة الخصلات لتغطّي القسم السفلي من الوجه تحت الخدّين والشفتين. الشارب محلوق والحاجبان متّصلان ومرصّعان بالقار مّا يعزّز بروز الأنف الأقنى. العينان مصوّرتان بعنايةٍ فائقة ممّا يعطي الوجه هيئةَ الحياة. استعمل الفنّان الأردواز والصدف واللازورد في تشكيل الأهداب والأجفان والقرنيّة والقزحيّة. الشفتان دقيقتان وباسمتان.
تتجلّى العنايةُ أيضاً في تقنيّة تنفيذ سائر الجسم. الجذع العاري مثالي النموذج تتناقص أبعاده باتّجاه الخصر. اليدان مضمومتان على الصدر واليد اليمنى تغطّي اليسرى. الذراع والمرفق الأيسر مكسورتان مع الأسف منذ القِدَم وهناك تآكل في قاعدة المرفق الأيمن. الجذع عارٍ وتقتصر الثياب على مئزر مربوط ومعقود خلف الظهر بيد أنّ الفنّان لم يلتزم هنا بنموذج الكوناكس بل لجأ إلى نحت الحجر ليعطي انطباع زغب الصوف بخصلاته المتموّجة الطويلة بمنتهى النجاح.
يجلس الرجل على مقعدٍ لا ظهر له من نوعٍ معيّن المقصود منه الإيحاء بكرسي منخفض من الخشب مكسو بالقصب المضفور والمعقوف. الهدف جمالي ولا يعطي انطباعاً بالمتانة. قدما التمثال مفقودتان ولكنّنا نرى تحت الثوب مكان التصاق الكاحلين.
يحمل الظهر نقشاً كتابيّاً منذوراً للربّة عشتار ويعرّف ابيح إيل كمشرف (وكيل). يعود هذا التمثال في رأينا - استناداً إلى سمات النقوش الكتابيّة - إلى حوالي عام ٢٩٥٠ قبل الميلاد. كان التمثال مكسوراً إلى قطعتين عندما تمّ العثور عليه وكانت الرأس على بعد عدّة أمتار من الجسد فوق بلاط باحة الهيكل الخارجيّة.
André Parrot. Les fouilles de Mari (Première campagne). Syria. Archéologie, art et histoire. Année 1935 16-1 (pp. 1-28).
No comments:
Post a Comment