Wednesday, January 1, 2020

رضا سعيد ١٨٧٦-١٩٤٥


تبوّأ الدكتور رضا سعيد عدداً من أرفع المناصب في نهاية العهد العثماني مروراً بالعهد الفيصلي ونهاية بالانتداب الفرنسي ولعب دوراً بارزاً إن لم نقل جوهريّاً في تأسيس الجامعة السوريّة. 

ولد الدكتور سعيد في دمشق في الحادي عشر من نيسان عام ١٨٧٦ ودرس في الكتّاب ثمّ في القسم الابتدائي من المدرسة الرشديّة العسكريّة لينتقل بعدها إلى القسطنطينيّة في القسم الإعدادي التابع للمدرسة الطبيّة العسكريّة وتخرّج عام ١٩٠٢ ليعيّن برتبة طبيب يوزباشي وأصبح بالنتيجة معاوناً لأستاذ أمراض العين الفريق أسعد باشا. أوفد الطبيب الصاعد إلى باريس عام ١٩٠٩ للاختصاص بالأمراض العينيّة ونال شهادته من جامعتها بعد سنتين ليعود إلى القسطنطينيّة ومن ثمّ تمّ تعينه كحّالاً في المشف العسكري المركزي في دمشق عام ١٩١٣. 

أصبح سعيد رئيساً لأطبّاء الخطّ الحديدي الحجازي عام ١٩١٤ وانتخب عام ١٩١٧ رئيساً لبلديّة دمشق حيث بذل قصارى جهده في تأمين إعاشتها إبّان سنوات الحرب العظمى إلى نهايتها عام ١٩١٨. نجح مع زملائه في إعادة افتتاح المعهد الطبّي في العهد الفيصلي وأصبح عميداً لهذا المعهد عام ١٩١٩ ثمّ رئيساً للجامعة السوريّة وكان له أيضاً عيادته الخاصّة. 

نأتي إلى عهد الانتداب عندما عيّنه صبحي بركات رئيس الدولة السوريّة وزيراً للمعارف في العشرين من كانون أوّل  ١٩٢٤ ولم يدم في هذه الوزارة أكثر من حوالي سنة إذ استقالت حكومة بركات في أواخر العام التالي. 

ركّز رضا سعيد جهوده بعد ذلك على تطوير وتنظيم الجامعة والحصول على الاعتراف بها على المستويين الإقليمي والدولي وبنيت في عهده دار الجامعة ومدرّجها الكبير (١٩٢٩) ورمّمت التكيّة السليمانيّة بهدف استقبال المخابر وشعبة طبّ الأسنان. شيّدت أيضاً أبنية في حديقة المشفى العامّ لاستيعاب القابلات والعيادات الخارجيّة (قبل بناء الطابق الأرضي في دار التوليد في مطلع الثلاثينات). أسّس الدكتور سعيد مجلّة المعهد الطبّي العربي التي صدرت عام ١٩٢٤ ورأس تحريرها الدكتور مرشد خاطر أستاذ الجراحة كما أنشأ مطبعة خاصّة بالجامعة السوريّة عام ١٩٣١ وشجّع المكتبة الجامعيّة على اقتناء الأسفار والدوريّات العربيّة والأجنبيّة ورعى التأليف والتعريب. 

شغل رضا سعيد ثلاث وظائف: رئاسة الجامعة وعمادة المعهد الطبّي وكرسي الأمراض العينيّة التي وضع كتاباًَ مدرسيّاً فيها كما بادر في تأسيس الجمعيّة الطبيّة الجراحيّة في دمشق في منتصف الثلاثينات.

لرضا سعيد إنجازين في منتهى الأهميّة الأوّل الحيلولة دون فرنسة الجامعة والثاني الصمود في وجه محاولات تسييس الجامعة التي أرادها مؤسّسة علميّة أوّلاً وأخيراً واتّبع في سبيل تحقيق هذين الهدفين منهجاً موضوعيّاً وحياديّاً تميّز بالصبر واللباقة والامتناع عن المجابهات الحمقاء والترفّع عن الردّ على الاتّهامات التي وجّهها البعض إليه فكسب بذلك احترام وتقدير السورييّن والفرنسييّن على حدٍّ سواء. 

أحيل هذا العالم والمربّي الكبير على التقاعد بطلب منه ووفقاً لقرار صدر في الثاني والعشرين من شباط  ١٩٣٦ عن رئيس الجمهوريّة محمّد علي العابد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ تاج الدين الحسني ووزير المعارف حسني البرازي. توفّي رضا سعيد يوم الأحد ٢٨ تشرين أوّل ١٩٤٥ وأبّنه رئيس الجامعة السوريّة وقتها عبد القادر العظم كمؤسّس لهذه الجامعة التي لا يزال تمثاله قائماً في مدخلها. أطلق على الشارع الفاصل بين التكيّة والمتحف اسم شارع رضا سعيد عربوناً عن تقدير ووفاء السورييّن عموماً والدمشقييّن خصوصاً للرائد الراحل. 

الهيئة الطبية للمشفى العسكري العثماني مع جزيل الشكر للأستاذ عمرو الملّاح






No comments:

Post a Comment