Tuesday, January 28, 2020

قصف سيدي عامود: منظور فرنسي


تعود الصورة الملحقة إلى منتصف عشرينات القرن الماضي وهي مأخوذة في المساء من الشرق إلى الغرب وتظهر مئذنة جامع درويش باشا في العمق. اللقطة من مجموعة البارون Oppenheim

تعرّضت سابقاً لخلفيّة القمع الفرنسي عام ١٩٢٥ حسب مدير المعهد الفرنسي للآثار والفنون الإسلاميّة في دمشق السيّد Eustache de Lorey (الروابط أدناه) ولن أعود إليه هنا باستثتاء التذكير بأنّ السبب المباشر كان مهاجمة الثوّار قصر العظم في الثامن عشر من تشرين الأوّل.

الأسطر التالية مقتطفة ومعرّبة عن Alice Poulleau التي كانت شاهد عيان للأحداث الدامية التي عاشها أجدادنا في هذه المرحلة المبكّرة من الانتداب الفرنسي:

أقيمت الحواجز في كافّة أنحاء المدينة تقريباً واستهدف المتعصّبون الشركس والأرمن والأوروبييّن كما حصل في ١٨٦٠. لجأ الأوروبيّون إلى قنصليّاتهم بينما بدأت مدافع القلعة والدبّابات والطائرات عمليّاتها. لاذ الناس بالفرار من قلب المدينة نحو أحياء المهاجرين والصالحيّة بينما توالت أرتال السيّارات التي لا تنقطع باتّجاه بيروت. ما جرى كان تقهقراً إلى عصور الظلمات والهمجيّة.

غلب على دمشق مظهر مدينة منهارة بعد ثلاثة أيّام من المعارك والقصف وظهرت علامات طلقات الدبّابات على طول واجهات وجدران وأبواب الشارع المستقيم. تخلّلت القذائف بيت آل القوّتلي أحد أجمل دور الشام بما فيه من التحف والأثاث الثمين وأحرقت جميع البيوت حوله. شمل الدمار كافّة جوار جامع درويش باشا  وخرقت قذيفة قبّة جامع سنان باشا في بداية الميدان ولكن شائت الصدف ألّا تنفجر.

الحيّ بين السوق الطويل وسوق الحميديّة قرب المصرف السوري أشبه ما يكون بجحيم دانتي Dante إذ لم يبق فيه حجراً على حجر وفاحت روائح الجيف في بعض المواضع التي دفن فيها أصحاب البيوت تحت منازلهم المهدّمة. تهشّمت واحترقت أشجار صحون الدور البائسة المرهفة الإحساس وتراكمت الأنقاض قرب الأحواض التي نضب ماؤها بينما قام البدو بالتنقيب في البيوت التي يتصاعد منها الدخان. الأسلاك الكهربائيّة متناثرة في كلّ مكان و الأحياء التي لا حياة فيها غرقى بمياه القساطل المكسورة. نرى على طرف السوق الطويل أكثر المناظر هولاً وكأنّه بركان مستعر تتدفّق منه الحمم.

عودة على بيت "منيّر" Bet Muneijir الذي ابتاع Oppenheim قاعة عجمي منه لنقلها إلى ألمانيا وسؤالي هنا هو الآتي: هل جرى شراء وفكّ وشحن هذه الغرفة قبل أو بعد الكارثة التي حلّت بسيدي عامود (الحريقة لاحقاً)؟ أرجّح الاحتمال الأوّل. 







Gérard Degeorge. Damas: Des Ottomans à nos jours. 1994. 



Oppenheim


ِ

No comments:

Post a Comment