Friday, June 2, 2017

أوابد دمشق التاريخيّة



جان سوڤاجيه غني عن التعريف لأي باحث في تاريخ سوريّا والشرق الأدنى. الكتاب أو بالأحرى الكتيّب قيد الحديث، الصادر عن المطبعة الكاثوليكية في بيروت عام ١٩٣٢ بعنوان Les Monuments Historiques de Damas، والذي "تشرّف باشتراك قسم الآثار لإدارة المندوب السامي"، هو أحد المساهمات العديدة لهذا المستشرق الفرنسي في التاريخ والحضارة والفنون السوريّة على مدى ثلاثين عاماً، انتهت مع نهاية حياته القصيرة في الخامس من آذار عام ١٩٥٠. النصّ متوافرٌ بالمجّان على موقع المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، وهناك أيضاً تعريب وتعليق أكرم حسن العلبي الصادر عام ١٩٩١ بعنوان "الآثار التاريخيّة في دمشق".

هدفُ الدراسة، كما حدّده المؤلّف، تقديم لائحة بمعالم دمشق حسب تسلسلها الزمني، مع شرح وجيز + الخرائط والرسوم الإيضاحيّة حسب الحاجة. لا يحتوي الكتاب على أي صور ضوئيّة مع الأسف، بيد أنّ حجْمَهُ لا يسمح بهذا الترف. شجّع سوڤاجيه الراغبين بالتوسّع بمراجعة كتاب Watzinger و Wulzinger عن دمشق، بشقّيه عن المدينة القديمة والمدينة الإسلاميّة، على الرغم من تحفّظاتِهِ الكثيرة على هذه الدراسة .

عدد صفحات الكتاب حوالي ١٣٠ من القطع الصغير، منها ١١ صفحة لدمشق قبل الإسلام والباقي للمدينة الإسلاميّة. المعالم القديمة المذكورة خمسة: الباب الشرقي، هيكل المشتري (أهمّها)، القنوات الرومانيّة، الباب الصغير أو باب الشاغور (روماني أُعيدَ بناؤهُ في عهد الأتابك نور الدين)، وكنيسة حنانيا.

احتلّ الجامع الأموي مركز الصدارة في دمشق الإسلامية، وخصّص له المؤلف ٢٧ صفحة (حوالي ربع الكتاب إذا أضفنا ٥ صفحات عن هيكل المشتري). وَصَفَ الكاتبُ الجامعَ ومكوّناتِهِ وتطرّق لتاريخِهِ والنظريات المختلفة عن بنائِهِ والكوارث التي أصابته (آخرها حريق ١٨٩٣)، وترميمِهِ على مرّ العصور.

انتقل سوڤاجيه بعدها إلى تحصينات دمشق، أي سور المدينة وأبراجها (برج نور الدين وبرج الصالح أيوب)، وأبوابها، وقلعتها. المحطّة التالية معالم المدينة - حسب تسلسلها الزمني - بدايةً من ضريح فاطمة في مقبرة الباب الصغير (من الآثار الشديدة الندرة المتبقّية من العهد الفاطمي)، إلى تربة صفوة الملك (سلجوقيّة)، فالمعالم العديدة من العهود الأتابكيّة (النوريّة)، فالأيوبيّة، فالمملوكيّة، فالعثمانيّة، من تُرَب وجوامع ومدارس وحمّامات وبيمارستانات وهلمّجرّا. تفاوتَ الإسهاب بتفاوت أهميّة الصرح، وكمّ المعلومات المتوافرة عنه، والتقييم الشخصي للمؤلف. خصّص سوڤاجيه - على سبيل المثال - ثلاث صفحاتٍ للتكيّة السليمانيّة وسبعاً لقصر العظم.

كرّس المؤلّف آخر ١٣ صفحة إلى حيّ الصالحيّة، مثوى الشيخ المتصوّف محي الدين ابن عربي، ومعقل الآثار الأيّوبيّة في دمشق. أحد أهمّ هذه الآثار جامع الحنابلة (مطلع القرن الثالث عشر) الذي اعتبره البعض نسخةً مصغّرةً للجامع الأموي. هناك أيضاً المدرسة الركنيّة، وبقايا المدرسة الماردانيّة (الجسر الأبيض)، وكثير غيرها.




No comments:

Post a Comment