Monday, January 25, 2021

شكري القوّتلي يواجه الجيش السوري


اقتبست هذا العنوان من تعليق محرّر مجلّة Paris Match الفرنسيّة على صورة الرئيس الراحل شكري القوّتلي التي نشرت -مع غيرها- في عددها الصادر في السابع من شهر أيلول عام ١٩٥٧. أبدأ بتعريب التعليق والنصّ الفرنسي الأصلي لمن يريد المقارنة:


تتجلّى -عبر الوجه الذي يعتريه الغمّ والعينين القلقتين- دراما تزعزع كيان هذا الرجل المهدّد الذي اختار بدافع الواجب أن يعود (*) إلى وطنه بين أعدائه (**). 



Sur ce visage tiré, derrière ces yeux inquiets, le drame bouleversant d’un homme menacé qui a choisi par devoir de revenir dans son pays parmi ses ennemis


(*) أي عندما عاد من زيارته للقاهرة إلى دمشق.

(**) المقصود بالأعداء ضبّاط الجيش السوري من أهل "الحلّ والربط".  


يظهر شكري القوّتلي في هذا المنشور وغيره في نفس المجلّة (الروابط أدناه) إنساناً مخلصاً وفي نفس الوقت تائهاً لا حول له ولا قوّة يسير مع تيّار لا يقاوم منقاداً لأحداث لا سيطرة له عليها وأنّه أكره على وحدة اندماجيّة استجابة لضغط الجيش السوري والقوى السياسيّة التي يمثّلها من جهة ومناورات الديبلوماسيّة المصريّة من جهة ثانية.  



هناك نواة من الحقيقة في هذا الوصف: يبقى الرئيس الراحل مهما كانت أخطائه ويشهادة الجميع عمليّاً رجلاً وطنيّاً أمضى جلّ حياته في خدمة بلاده وتنازل عن الرئاسة في سبيل هدف أسمى كما لم يفعل أحد قبله أو بعده لا في سوريّا ولا في العالم العربي برمّته. من الصحيح أيضاً أنّ قيادات الجيش السوري وقتها تجاوزت صلاحياتها (النظريّة) والحكومة السوريّة من رئاسة ومؤسّسات في سابقة خطيرة عندما تفاوضت مع جمال عبد الناصر ووضعت القوّتلي أمام الأمر الواقع. 


المعضلة في الخلفيّات والتفاصيل:


أوّلاً: تمثّل المجلّة وجهة النظر السائدة في فرنسا وقتها: جمال عبد الناصر ديكتاتور خطر "سرق" قناة السويس من المساهمين (التعبير لأنتوني إيدن رئيس وزراء بريطانيا وقتها كما أورده في مذكّراته) وأيّد مشروع استقلال الجزائر وسعى -ظلماً وعدواناً- لبسط نفوذه في المشرق. يحسن التذكير هنا -لوضع الأمور في سياقها- بسياسات فرنسا في عقد الخمسينات وهي لم تقتصر على دورها في أزمة السويس بل تجاوزته في دعمها لإسرائيل إلى أبعد الحدود. البرنامج النووي الإسرائيلي ثمرة التعاون الفرنسي الإسرائيلي وطائرات الميراج التي قصفت بها إسرائيل مصر عام  ١٩٥٦ ومصر وسوريا والأردن عام ١٩٦٧ فرنسيّة الصنع. فرنسا الخمسينات بمثابة الولايات المتّحدة اعتباراً من السبعينات فيما يتعلّق بالشرق الأدنى ودون أي مبالغة. 


ثانياً. شكري القوّتلي كان عروبيّاً وحدويّاً ولا يوجد دليل مقنع أنّه عارض الوحدة مع مصر قبل تحقيقها ولو "في قلبه وهو أضعف الإيمان" وبغضّ النظر عن أي تطوّرات طرأت على موقفه بعد الانفصال. ربطت شكري بك مع مصر الملكيّة والناصريّة علاقات ودّيّة للغاية وكان بإمكانه الاستقالة لو عارض الوحدة أو على الأقلّ التحفّظ عليها إن لم نقل المشاهرة بمعارضتها كما فعل خالد العظم وخالد بكداش. 


مع الأسف لم يكتب القوّتلي مذكّراته وترك للآخرين مهمّة تفسير وتعليل وتبرير أقواله وأفعاله وحتّى تعابير وجهه كما فعلت المجلّة الفرنسيّة بمنتهى الثقة ودون أدنى تردّد. 



رجل بين عالمين


شكري بك في دمشق


جمال عبد الناصر


شكري القوّتلي غداة يوم الوحدة


استفتاء ١٩٥٨


شكري وجمال


سينما العبّاسيّة تبارك بولادة الجمهوريّة العربيّة المتّحدة



  



No comments:

Post a Comment