Saturday, May 29, 2021

جامع لالا مصطفى باشا



"كان مسجداً لطيفاً بسوق خان الباشا فلمّا بني سوق الهال وهدم الجامع بنى السادة آل مردم بك أحفاد لالا مصطفى باشا بدله جامعاً بشارع بغداد سنة ١٣٥٥ (*)"


(*) الموافق ١٩٣٦-١٩٣٧ للميلاد.


هكذا كتب أسعد طلس في ذيل ثمار المقاصد قبل أن ينتقل إلى وصف الجامع الجديد أمّا عن جامع القرن السادس عشر الأصلي فنستطيع أخذ فكرة معقولة عنه من خلال مصدرين:


الأوّل الجزء الثاني لدراسة الألمانييّن Wulzinger & Watzinger عن دمشق (صدرت ١٩٢٤ وتعكس الوضع قبل ١٩١٨) وتعريبها ١٩٨٣ الذي قام به قاسم طوير وعلّق عليه مع التصحيح عبد القادر ريحاوي. الوصف هنا مشوّش إلى حدّ ما ومع ذلك يبقى هذا المرجع الثمين الوحيد الذي زوّدنا بصورة للجامع مع خارطة تبيّن توزيعه وتفاصيله. أضف إلى ذلك النقوش الكتابيّة التي احتواها. 


الثاني كتاب خطط دمشق للدكتور صلاح الدين المنجّد (صفحة ٤٥-٤٦) وهو أفضل وصف في حوزتنا ويتمّم المذكور في الدراسة الألمانيّة. 





يمكن عن طريق إضافة معلومات المرجعين التوصّل إلى الخلاصة الآتية:


الموقع حديقة سامي باشا خارج باب الفرج في محلّة العقيبة وعين علي. تواجد الجامع داخل الخان المعروف بنفس التسمية (خان لالا مصطفى باشا). يتمّ الدخول للخان عن طريق باب قبلي كبير مقنطر ومبني بالحجارة. يؤدّي هذا الباب إلى دركاه (دهليز) ومنه إلى ساحة كبيرة مسوّرة بالجدران ومبلّطة بالحجر الأسود. هناك بركة في وسط هذه الساحة ومسجد معلّق (أي مرتفع عن الأرض) هو بيت القصيد. 

هذا المسجد راكب على مخزنين وثماني قناطر معقودة (على صفّين أي أربع قناطر في كل صفّ كما نرى في المخطّط) باتّجاه شرق - غرب ترتكز على عشرة أعمدة حجريّة (خمسة أعمدة في كل صفّ: المخطّط الملحق). يصعد إلى المسجد عن طريق سلّم حجري مستدير ومنه إلى ممشى - رواق - مبلّط بالحجارة ومسقوف بالخشب ومركّب على أربعة أعمدة رخاميّة. الدخول إلى المسجد يتمّ عبر باب في جدار الحرم الشمالي له مصراعين خشبييّن. للمسجد محراب وفي جدرانه خزائن وثمانية شبابيك إثنان منها في كل جدار. يطلّ الشبّاكان القبليّان على البركة والشماليّان على الرواق والشرقيّان على ساحة الخان والغربيّان على بناء الخان. المسجد مسقوف بالخشب شأنه شأن الرواق. 


البناء إذاً طابقان أبعادهما حسب المرجع الألماني ٣٩ متر x ١١ متر (الطابق العلوي) و ٤٧ متر x ١٠ متر (الطابق السفلي) وكان عندما عاينه W & W في "حالة مهملة جدّاً ويستخدم اسطبلاً". مداميك الجدران أبلقيّة كما نرى في الصورة التي يبدوا فيها الجدار القبلي مع حنية المحراب في الوسط وفوقها قمريّة (نافذة صغيرة مستديرة). 


المحراب ذو عقد حجريّ ومقرنصات ويضمّ ثلاثة ألواح حجريّة ورسماً محفوراً يمثّل الكعبة ونقرأ في مثمّنين على يمينه  ويساره العبارتين الآتيتين (نفس النصّ موجود في الدرويشيّة):


عجّلوا بالصلاة قبل الفوت

وعجّلوا بالتوبة قبل الموت


قرأ العالمان الكتابة التالية فوق إطار المحراب:


القسم العلوي:

خان مصطفى باشا المعمور في سنة ٩٧١ (الموافق ١٥٦٣-١٥٦٤ للميلاد).


القسم السفلي:

عمّر هذا الربع الأرفع جعله الله مسارّ الشوارع في زمن بن السلطات الأورع السلطان سليمان خان بن السلطان سليم خان ثبّته الله سرير السلطنة الأرفع 

الجناب العالي مصطفى باشا أدخله الله في شفاعة المشفع لالا وارث المالك العثمانيّة السلطان سليم خان لا روع الله أصالته ذو لمع بنوره الأفاخر مظالّه ووقع وريّح الحدود سنة إحدى وسبعين وتسعمائة 


لا أعلم ما مبلغ دقّة قراءة هذه الكتابة كما نقلها W & W ولا سبيل للتحقّق منها اليوم بعد اندثار الآبدة ولكن فحواها واضح لا لبس فيه ويرتأي العالمان أنّ هذه الكتابات كانت أصلاً للخان أعيد استعمالها في الجامع ولكن هناك تفسير آخر أكثر بساطة إذ لا يوجد ما يمنع من كون الكتابات للجامع مذ البداية على اعتبار أنّه كان أحد مكوّنات الخان. 


أخيراً لا ذكر لمئذنة لا لدى المنجّد ولا في المرجع الألماني وكما نرى لا وجود لها في هذه الصورة اليتيمة للجامع والتي يبدوا فيها منخفضاً عن مستواه الأصلي. 




أكرم حسن العلبي. خطط دمشق. دار الطبّاع ١٩٨٩ 


الآثار الإسلاميّة في مدينة دمشق. تعريب قاسم طوير


صلاح الدين المنجّد. خطط دمشق


عبد القادر ريحاوي. روائع التراث في دمشق ٢٠٠٥


أسعد طلس. ثمار المقاصد في ذكر المساجد





Karl Wulzinger Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924.

No comments:

Post a Comment