Sunday, May 16, 2021

يحيى بن زكريّا


نقل ابن الفقيه (القرن العاشر الميلادي) في كتاب البلدان عن زيد بن واقد ما يلي:


وكّلني الوليد على العمّال بمسجد دمشق فوجدنا فيه مغارة فعرّفنا الوليد ذاك فنزل في الليل فإذا هي كنيسة لطيفة ثلاثة أذرع في مثلها وإذا فيها صندوق وفيه سفط مكتوب عليه هذا رأس يحيى بن زكريّا فرأيناه فأمر به الوليد أن يجعل تحت عمود معيّن فجعل تحت العمود المسفط الرابع الشرقي ويعرف بعمود السكاسك وقال أبو مهران رأس يحيى بن زكريّا تحت عمود السكاسك وقال زيد أيضاً رأيت رأس يحيى بن زكريّا حين وضع تحت العمود والبشرة والشعر لم تتغيّر. 


كرّر ابن عساكر (القرن الثاني عشر للميلاد) في تاريخ دمشق بشكل أو بآخر رواية ابن الفقيه عن اكتشاف رأس يوحنّا المعمدان (يحيى بن زكريّا) وكذلك فعل ياقوت الحموي (١١٧٩-١٢٢٩) وخصوصاً الادّعاء أنّ الرأس وقت اكتشافه كان لا يزال محتفظاً يجلده وشعره دون أي تغيير. 


إذاً اقتصر مقام يوحنّا أو يحيى في البداية على عمود يعلّم مكانه (عمود السكاسك). نقفز الآن بضعة مئات من السنين إلى زيارة ابن جبير الأندلسي لمدينة دمشق عام ١١٨٤ وهذا الرحّالة مشهور بدقّته ولكن وصفه للمقام لم يتجاوز عبارة "عليه تابوت خشب معترض من الإسطوانة وفوقه قنديل كأنّه القدح الكبير". 


بني المشهد الحالي (الصورة أعلاه عن Degeorge بتاريخ آب ١٩٨٩) بعد حريق ١٨٩٣ بين العمودين الثالث والرابع من صفّ الأعمدة القبلي شمالي محراب الصحابة ليحلّ محلّ مشهد أقلّ بذخاً في نفس الموقع دمّره الحريق المذكور (الصورة الثانية حوالي ١٨٨٠). تاريخ المقام القديم المحترق غير معروف ولكنّه قطعاً لاحق لزيارة ابن جبير ويعود على الأغلب إلى الترميمات بعيد زلزال ١٧٥٩.  








طلال العقيلي. الجامع الأموي في دمشق الطبعة الثانية ٢٠١٥. 


ابن الفقيه. كتاب البلدان


ابن عساكر. تاريخ دمشق


أكرم حسن العلبي. خطط دمشق دار الطبّاع ١٩٨٩




Gérard DegeorgeDamas: Des Origines aux Mamluks. L'Harmattan (1997).

Akram ʿUlaby. H̱iṭaṭ Dimašq, Dār al-Ṭabbāʿ 1989.

No comments:

Post a Comment