شبّه الدكتور آلان جورج (صفحة ١٩٩ - ٢٠٤) لوحة بردى الفسيفسائيّة، على جدار الرواق المقنطر الغربي لجامع دمشق الكبير، ببيت الشعر العربي وتركيزه على التناظر بين الصدر والعجز، في الطريقة التي تنقسم بها اللوحة إلى شطرين متساويين حول شجرةٍ مركزيّة على جانبيها بناءان متناظران بهيئة السرادق pavilion.
تتناوب الأشجار مع الأبنية في رتابةٍ يمكن مقارنتها بنظم الشعر دون مراعاة النسب الطبيعيّة كما نرى في الأشجار الضخمة الغير متناسبة مع ارتفاع الأبنية. تختلف فسيفساء الأموي عمّا نراه في العمائر المسيحيّة التاريخيّة من أكثر من ناحية:
- الأبعاد: لوحة بردى وحدها بلغت سبعة أمتار في أربعة وثلاثين متراً (١) أي أنّ مساحتها قاربت ٢٥٠ متر مربّع وهي بذلك أكبر ما تبقّى من الفسيفساء الأصليّة وتبقى مع ذلك، إذا قبلنا بوجود لوحة مماثلة على الرواق الشرقي وثالثة أكبر منها بثلاث مرّات على الرواق الشمالي الأطول امتداداً، جزءاً من الكسوة الأصليّة ليس غير. لا يوجد ألواح مستطيلة على هذه الدرجة من الضخامة في جدران الكنائس (٢) وعلّ ذلك يعود إلى حدٍّ ما إلى كسوتها للقباب والحنايا apses عوضاً عن السطوح المستويّة.
- النقطة الثانية أنّ فسيفساء الكنائس، الأرضيّة منها والجداريّة، تتناوب فيها الأشجار مع تمثيل البشر والحيوانات والكائنات الأسطوريّة أمّا في لوحة بردى فتقتصرُ صورُ الكائنات الحيّة على النباتات الزخرفيّة.
- يوحّد النهر في أسفل لوحة بردى عناصر الفسيفساء بينما تندر الأنهار في الفسيفساء الجداريّة المسيحيّة المبكّرة وإن وجدت تكون أشبه بمجرى صغير من الماء ينجَبِسُ من الصخر. هناك فرق آخر ألا وهو أنّ الماء في لوحة بردى يجري ويتدفّق بينما يرجح أن نراه ساكناً راكداً في مجاري الكنائس.
الرسم الملحق عن الدكتور طلال العقيلي (الطبعة الأولى صفحة ٢٢٤ - ٢٢٥). الصورة عن Wikimedia.
(١) هناك اختلاف طفيف في الأبعاد حسب المرجع (انظر الطبعة الأولى لكتاب طلال العقيلي صفحة ٢٢٣ و de Lorey صفحة ٣٢٨ على سبيل المثال).
(٢) وليس بالضرورة أرضيّتها حيث جرت العادة أن تحتلّ الفسيفساء الأرضيّة مساحاتٍ واسعة.
Alain George. The Umayyad Mosque of Damascus. Art, Faith and Empire in Early Islam. Gingko, 2021.
No comments:
Post a Comment