Sunday, September 15, 2019

حريق الجامع الأموي


لا بدّ لإشعال أي حريق من شرارة البداية وكانت حفنة من التبغ أكثر من كافية لهذا الغرض عندما تملّك "الخرم" فجأة  أحد العمّال الموكلين بترميم سقف جامع بني أميّة في تشرين أوّل عام ١٨٩٣ فقرّر الدخول في "دنيا نعيم التدخين" (على مذهب دعايات السجائر الأمريكيّة في صالات السينما الشاميّة التي رفعت بمنتهى الفخر والاعتداد شعار "ممنوع التدخين وأكل البزر" عندما كنت يافعاً وكانت سحب الدخّان تملأ فضاء القاعة وقشر البزر يفرش أرضها رغم الحظر أو لربّما بسببه). 

هذا عن السيب المباشر ولكن ماذا عن انتشار النار في الهشيم بهذه السرعة حتّى أصبح البناء العريق قاعاً صفصفاً في فترة قياسيّة؟ 

يضيف المهندس الفنّان Phené Spiers العوامل التالية التي ساهمت في تضخيم المصاب وتحويل هذا الحدث الأليم إلى كارثة بكلّ معنى الكلمة:

أوّلاً: الكمّ الكبير من الخشب في الأسقف الجملونيّة.
تعود هذه الأسقف لمطلع القرن الخامس عشر (أي الترميم الذي جرى في أعقاب استباحة تيمورلنك لدمشق عام ١٤٠٠-١٤٠١) عندما جرى استبدال السقوف المسطّحة (أو لربّما الجملونيّة ذات الميلان المنخفض) التي وصفها ابن جبير عام ١١٨٤ بأسقف جملونيّة مرتفعة. من البدهي أنّ الجفاف الذي لحق الخشب القديم عير مئات السنين سهّل تأجّج اللهب.

ثانياً: سجّاد الجامع.
غطّى السجّاد الرائع إجمالي أرضيّة الحرم وبلاطه المرصّع المهترىء ولزيادة الطين بلّة لجأ أهل الخير من محبّي الجامع إلى تغطية السجاجيد العتيقة بسجاجيد جديدة يتبرّعون بها كلّما دعت الحاجة ونجم عن ذلك تراكم المواد القابلة للاحتراق التي استعرت بغتة عندما سقط عليها جمر السقف المتداعي.


No comments:

Post a Comment