Tuesday, September 3, 2019

تقصّي آثار معبد المشتري في دمشق القديمة‎


مصائب قوم عند قوم فوائد. 

خريطة ديكي لمعبديّ دمشق الداخلي (الموافق للأموي حاليّاً) والخارجي

أدىّ حريق الأموي المدمّر عام ١٨٩٣ إلى كشف الهيكل العظمي ليس فقط لجامع بني أميّة الكبير وإنّما أيضاً لمحيطه وأعطت هذه المأساة على هولها فرصة لعلماء الآثار لجمع كمّ لا بأس به من المعطيات التي ما كان لهم الحصول عليها في الأحوال العاديّة. 

الفضل في أوّل خارطة دقيقة للجامع تعود إلى المبشّر الإيرلندي Josias Leslie Porter وكتابه "خمس سنوات في دمشق" الصادر عام ١٨٥٥ وإليه يرجع اكتشاف بقايا أروقة معمّدة حول الجامع. كانت خريطة هذا العالم المدقّق من الجودة إلى درجة أصبحت فيها المعياروالمرجعيّة لمدّة عشرات السنين حتّى أتت دراسات Phené Spiers و Archibald Campbell Dickie لتعطينا المزيد من التفاصيل عن أهمّ أوابد دمشق وسوريا قاطبةً دينيّة كانت أم دنيويّة. 

خريطة بورتر للجامع ومحيطه

للمهندس المعماري Dickie (١٨٦٨-١٩٤١) أسبقيّة معاينة واقتفاء ملامح المعبد الخارجي peribolos في خريطة نشرها مع مقال مفصّل في دوريّة "صندوق اكتشاف فلسطين" لعام ١٨٩٧ وقد نشر Spiers في نفس العدد مقالاً اعتمد فيه على مكتشفات زميله ليعدّل بناءً عليها استنتاجاته السابقة (سيأتي وصف إسهامه لاحقاً). أهمّ ما توصّل إليه Dickie كان ربط البوّابتين الخارجيّتين propylaea بالمعبد peribolos الذي شكّل وقتها ١/١٤ من مساحة دمشق الإجماليّة داخل السور كما أنّه اكتشف البوّابة الخارجيّة الشرقيّة (على بعد حوالي ١١٦ متر شرق باب جيرون بينما الغربيّة على بعد حوالي ٥٦ متر غرب باب البريد) المشابهة من الناحية العماريّة لبوّابة المعبد الداخلي temenos الجنوبيّة كما سنرى قريباً.  

إذاً تابع Dickie و Spiers ما بدأه Porter وما سيستأنفه Wulzinger و Watzinger و Sauvaget في مطلع القرن العشرين. 

يخبرنا Dickie أنّ رخام الأموي دمّر وفقد ولكنّه تكهّن بوجود فسيفساء يغطّيها طلاء جبسي (سيثبت De Lorey و Marguerite van Berchem صحّة رأيه بعد ثلاثين عاماً) ويضيف Spiers أنّ أعمدة الجامع المكسورة أو بعضها على الأقلّ استخدمت لتعبيد طرقات دمشق بعد ١٨٩٣.

يقدّر Dickie أبعاد المعبد الخارجي بطول ١٣٠٠ قدم شرق-غرب (حوالي ٣٩٦ متر) وعرض ١٠٠٠ قدم (حوالي ٣٠٥ متر) شمال جنوب أي تتجاوز المساحة ١٢٠٠٠٠ متر مربّع بينما يعطي Spiers أرقاماً أقلّ ١١٥٠ قدم (٣٥٠ متر) شرق-غرب و ١٠٠٠ قدم (٣٠٥ متر) شمال جنوب أي لا تتجاوز المساحة الإجماليّة ١٠٧٠٠٠ متر مربّع ونحن نعلم اليوم استناداً إلى معلومات أحدث وأدقّ أنّ هذه المساحة كانت حوالي ١١٧٠٠٠ متر مربّع (قرابة ثمانية أضعاف مساحة الجامع الأموي) ممّا يجعل معبد المشتري الخارجي في دمشق أكبر peribolos معروف على الإطلاق (للمقارنة peribolos تدمر لا يتجاوز ٧١٠ قدم x ٧٣٠ قدم أي حوالي ٤٨٠٠٠ متر مربّع أي بعبارة ثانية أقلّ من نصف مساحة نظيره في دمشق).  

مقطع طولي لمعبد دمشق يمرّ بالبوّابات الداخليّة والخارجيّة ويظهر ارتفاعه عن الشارع











No comments:

Post a Comment