Monday, February 24, 2025

عربٌ أم ساميّون؟

 


تطرّق دليل متحف دمشق الحربي (صفحة ٣٠ - ٣١) إلى إحدى المسّلمات التي ربي عليها أبناء وبنات سوريّا القرن العشرين تحت شعارات العروبة والأمّة العربيّة والقوميّة العربيّة. وصل هذا الخطاب إلى ذروته ونتيجته المنطقيّة عندما تحقّقت الوحدة المصريّة - السوريّة قبل ٦٧ عاماً وبالتالي لا غرابة أن يتبنّاه دليل المتحف الذي أُسِّسَ في ذلك العهد.


استشهد الكاتب بنظريّة Winckler - Caetani وخلاصتها أنّ جزيرة العرب هي الموطن الأصلي للشعوب الساميّة وأنّ الجفاف استشرى بالتدريج في أراضيها التي كانت شديدة الخصوبة ممّا أدّى إلى هجرة أهاليها إلى الشمال (أي "الشام") في موجاتٍ متعاقبة خَتَمَها الفتح الإسلامي. يمكن تعميم هذه النظريّة فيما أسماه الدكتور McNeill "ممال البادية" أو Steppe Gradient (كتاب "نهضة الغرب") لتعليل هجرة الشعوب الآسيويّة نحو أوروپا. 


هناك مآخذ على هذه النظريّة التي أُعيدَ النظر فيها مؤخّراً بيد أنّ مؤلّف الدليل أو من ألهَمَهُ تجاوزها فقال أنّه من الممكن إطلاق تسمية الشعوب العربيّة على الشعوب الساميّة على اعتبار أنّ موطنها الأصلي هو الجزيرة العربيّة وبالتالي فما موجات الهجرة الساميّة إلّا موجات عربيّة. 


يحمل هذا التفسير في طيّاته أنّ العربَ شعبٌ واحد ذو قوميّةٍ واحدة وإن لم يقل المؤلّف ذلك صراحةً (علّ السبب أنّ الدليل مكتوب بالإنحليزيّة وبالتالي موجّه للأجانب). لا ريب أنّ اللغةَ عاملٌ شديد الأهميّة في نشوء الأمم والقوميّات ولكنّه ليس بالوحيد أو الحاسم. أضف إلى ذلك أنّ "الساميّة" علميّاً هي عائلة لغات لا علاقة لها بالأعراق والقوميّات. لا شكّ أنّ اللغةَ العربيّة لغةٌ ساميّة وكذلك الحال بالنسبة للآراميّة ولكن هذا لا يُترْجَم بالضرورة إلى كون الآرامييّن عرباً.     


أنتقل بعد هذه المقدّمة إلى "الموجات العربيّة" أو الهجرات العربيّة كما أوردها الكاتب:


- الموجة العربيّة الأولى: الأكاديّون حوالي ٣٥٠٠ قبل الميلاد.

- الموجة العربيّة الثانية: العموريّون والكنعانيّون والفينقيّون حوالي ٢٥٠٠ ق.م. (الفينيقيّون هي التسمية التي أطلقها اليونانيّون على الكنعانييّن ومن الملفت للانتباه أنّ الكاتب لم يذكر العبرانييّن). 

- الموجة العربيّة الثالثة: الآراميّون حوالي ١٥٠٠ ق.م. 

- الموجة العربيّة الرابعة: الأنباط والتدمريّون حوالي ٥٠٠ ق.م. 

- الموجة العربيّة الخامسة: الفاتحون المسلمون في القرن السابع الميلادي. 

 

تمثّل اللوحة الملحقة ميناء أوغاريت - رأس شمرا مع "أقدم تقرير عسكري في التاريخ" (مزيدٌ عنه في المنشور المقبل). كما هي العادة لا يزوّدنا الدليل باسم الفنّان ولا بوصف اللوحة (الأبعاد، الألوان، تفاصيل المشهد...).  

No comments:

Post a Comment