Wednesday, November 19, 2025

مصرع هكطور

 


رأينا كيف فسّر الأستاذ شحادة مشهدَ الطعن على الوجه الأمامي من ناووس الرستن كمواجهة بين ديوميديس وهكطور، وأنّ هذا التفسير لا ينسجم مع رواية الإلياذة التي لا تذكر مجابهةً بين البطلين. 


ماذا عن احتمال كون المشهد يمثّل المجابهة بين أخيل وهكطور التي انتهت بمصرع هذا الأخير؟   


القصّة كما روتها الإلياذة أنّ أخيل، بعد أن حضر مراسم جنازة خليلهُ فطرقل، أَمَّ صوب طروادة ليثأر من قاتِلِهِ، متسربلاً بالدروع التي صنعها هفستوس الربّ الحّداد خصّيصاً لأجلِهِ. ارتعدت أوصال هكطور عندما رأى خَصْمَهُ الجبّار تحت أسوار المدينة ولاذ بأذيال الفرار، بيد أنّ الربّة أثينا خدعت الأمير الطروادي وغرّرت بِهِ ليعود وينازل أخيل في معركةٍ فرديّةٍ يائسة. 


سدّد أخيل الرمح الفلياني العظيم Pelian spear باتّجاه هكطور وأخطأ مرماه. الرمح من الضخامة والثقل بحيث لا يستطيع إنسانٌ حَمْلَهُ، باستثناء أخيل. لم يستفد هكطور من خطأ خَصْمِهِ لأنّ الربّة أثينا أعادت الرمح إلى أخيل. أدرك بطل طروادة أنّ الآلهة تخلّت عنه وغَدَرَت بِهِ، ولم يبق له إلّا أن يجرّد سيفَهُ وينقضّ على أخيل الذي سدّد الرمح الفلياني للمرّة الثانية، ونجح في إصابة عنق هكطور المكشوف فوق دِرْعِهِ واختراق حلقِهِ دون الرغامى. لا داعي للدخول في تفاصيل الكيفيّة التي مثّل بها أخيل بجثّة هكطور قبل سَحْلِها. 


عودةً إلى ناووس الرستن:


الشخص على يسار الناظر مطعونٌ في خاصِرَتِهِ بسيف أو خنجر وليس في رقبتِهِ برمح. المشهد إذاً لا ينسجمُ مع اشتباك أخيل وهكطور كما رَوَتْهُ الإلياذة وليس تحديد بَطَلَيهِ ممكناً في غياب النقوش الكتابيّة. 


الناووس من مقتنيات متحف دمشق الوطني



كامل شحادة
. تابوت الرستن، دراسة أوّليّة. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة، المجلّد الثاني والثلاثون ١٩٨٢ (صفحة ٥٩ - ٨٧).

No comments:

Post a Comment