Sunday, November 9, 2025

Images 1929 -1969

 


صور ١٩٢٩ - ١٩٦٩


ترك لي أبي، عطّرَ اللهُ ذِكْرَهُ، مجلّداً يحتوي على الأعداد الثلاثين الأولى من مجلّة Images المصريّة، التي صَدَرَ عَدَدُها الأوّل في الخامس والعشرين من آب أغسطس عام ١٩٢٩ عن دار الهلال التي أسّسها جرجي زيدان عام ١٨٩٢. عدد صفحات المجلّة ٢٤ من القطع الكبير (٢٩ في ٤٢ من عشيرات المتر). الأعداد في حوزتي في حالة جيّدة جدّاً آخرها إصدار الثالث عشر من نيسان أبريل عام ١٩٣٠ ولدينا، بفضل المكتبة الوطنيّة الفرنسيّة، عددٌ لا بأس بِهِ من هذه المجلّة الأسبوعيّة متوافرٌ إلكترونيّاً للقراءة والتحميل من ١٩٢٩ إلى ١٩٤٣. 


المجلّة شديدة الغنى بالصور والرسوم والخرائط، الهدفُ منها تقديم أحدث الأخبار والمعلومات بأسلوبٍ جذّاب إلى القرّاء الذين لا يمتلكون ما يكفي من الوقت لقراءةٍ منهجيّة متعمّقة في زمنٍ تميّز بالتسارع الأسّي في المكتشفات والتطوّرات العلميّة والنتاج الأدبي. غطّت Images منوّعاتٍ سياسيّةٍ محليّة وعالميّة، وآخر أخبار هوليوود، وآخر الأزياء النسائيّة الأوروپيّة، والسيّارات، وأخبار عن الرياضة، وكاريكاتيرات، ودعايات (منها الطبيّة)، ونكات، ونوادر، وقصّة العبّاسة أخت هارون الرشيد على حلقات (تأليف جرجي زيدان). كلّ هذا بالفرنسيّة لقاء عشرة ملاليم، بالنسبة لأعداد ذلك الوقت بالطبع. 


استهدفت Images الفرانكفونييّن من النخبة المصريّة والجاليات الأجنبيّة الكثيرة التي أقامت في مصر آنذاك، ولا داعي للتذكير أنّ أغلبيّة الشعب المصري آنذاك كانت أميّةً (ناهيك عن الإلمام بلغةٍ أجنبيّة)، كما هو الحال في سائر البلدان الناطقة بالعربيّة. أضِف إلى ذلك العامل المادّي: يبدو مبلغ عشرة ملّيمات زهيداً بمقاييس الأمس القريب، ولا أعتقد أنّه كان كذلك قبل خمسة وتسعين عاماً. 


عكست الموضوعات الاجتماعيّة والثقافيّة التي غطّتها المجلّة أذواق الطبقة المُتْرَفة وميولِها واهتماماتِها، أمّا المقالات السياسيّة فمن الواضح أنّها مرّت على الرقابة، إنجليزيّةً كانت أم محليّة، أو أنّ الكتّاب تعمّدوا التزام خطّ معيّن، وتجنّب ما من شأنِهِ إثارة غضب الممسكين بمقاليد الأمور، تماماً كما هو الحال اليوم. يمكن مع ذلك القول أنّ محرّري العهد الملكي في مصر تمتّعوا بهامشٍ معيّن من الحريّة أو على الأقلّ المناورة، ليس لوجود ديموقراطيّة في عهد فؤاد الأوّل (أو فاروق لاحقاً)، وإنّما لتوزّع مراكز القوى بين الملك وحزب الوفد والإنجليز (أضفِ إلى ذلك الأزهر والمؤسّسة أو المؤسّسات الدينيّة)، وإن كان القول الفصل في نهاية المطاف بريطانيّاً. 

No comments:

Post a Comment