نتابع رِحْلَتَنا مع مشهدٍ جديد على الوجه الأمامي لناووس الرستن، يخرُّ فيه فطرقل صريعاً فوق رأس الجواد أسفل النحت، بينما يحاول رجلٌ مهشّم الوجه رفع جَسَدِهِ بوضع ذراعيهِ تحت الإبط الأيسر للبطل المحتضر.
سلّم الأستاذ شحادة أنّ المشهد يمثّل محاولة منيلاوس، ملك أسبرطة وزوج هيلانة المخدوع، متع الطروادييّن من الاستيلاء على جثّة عشيق أخيل. أخْبَرَنا هوميروس في الإلياذة كيف غَنِمَ هكطور دروع وأسلحة فطرقل بعد أن قَتَلَهُ، وكيف حاول دون نجاح، الحصول على جثّتِهِ. لعب بطلان يونانيّان الدور الرئيس في حماية جثمان فطرقل، والذود عنها ضدّ هجمات الطروادييّن: الأوّل منيلاوس والثاني آياس الأكبر. من المعقول والحال كذلك أنّ ما نراه بالفعل تجسيدٌ لهذا المقطع من الملحمة.
نرى في يد فطرقل اليسر خنجراً أو غمداً على وشك السقوط بين أصابِعِهِ، في الوقت الذي ينثني مرفَقُهُ الأيمن على كتف منيلاوس اليمنى. جَسَدُ هذا الأخير مائلٌ إلى الأمام ومن الواضح أنّهُ ينوء تحت وطأةِ الوزن الذي يحاول رَفْعَهُ. هناك شخصُ مفقود الرأس يقف خلف منيلاوس، بينَهُ وبين ديوميديس المزعوم.
يتبع.
من مقتنيات متحف دمشق الوطني.
كامل شحادة. تابوت الرستن، دراسة أوّليّة. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة، المجلّد الثاني والثلاثون ١٩٨٢ (صفحة ٥٩ - ٨٧).
No comments:
Post a Comment