حاولت في الأسطر التالية اختزال الصفحات ٢٤٠ - ٢٤٥ من مقال Dussaud إلى أقصى درجة ممكنة دون المساس بآراء وأفكار المؤلّف:
لم يقم أخصّائيّو الآثار إلى اليوم بشرح مصطلح "جيرون" الذي تردّد لدى المؤلّفين العرب تارةً ككائنٍ أسطوريّ وطوراً كاسم موقع لا يزال يُطْلَق على باب الحرم الشرقي - أي باب جيرون - حتّى الآن. إليكم محاولتنا لتحديد المعنى الطبوغرافي الصحيح لكلمة جيرون وعسانا ننجح في إماطة اللثام عن الاشتقاق اللغوي لهذا اللفظ.
لا ريب أنّ جميع تجّار المدينة يرغبون في حوانيتٍ تقع على الطريق المؤدّي مباشرةً إلى الهيكل. ليست الاعتبارات التجاريّة هي الوحيدة هنا إذ لدينا أيضاً مزايا المشاركة في قدسيّة المعبد وممتلكاته وحقّ اللجوء إلى حِماه.
هناك ما يشير إلى امتداد النسيج العمراني مبكّراً على محيط سور الهيكل péribole على حساب الفضاء الواقع إلى الغرب منه. احتّل قصر معاوية وملحقاته مع دار الخيل المساحة الواقعة بين سور المعبد (الداخلي) وسور السوق (الخارجي) إلى الجنوب أمّا في الشمال فلا نملك معلوماتٍ تستحقّ الذكر. يمكن القول في كلّ الأحوال أنّ الفسحة شرق الهيكل بقيت خاليةً حتّى وقتٍ متأخّر وأنّ ساحةً تواجدت خارج باب جيرون طوّقتها أورقةٌ من ثلاث جهات. كانت هذه الساحة سوقاً من الناحية الوظيفيّة.
يشمل حيّ جيرون - بمعناه الواسع - الأرض الواقعة بين سوريّ الهيكل الرومانييّن، الداخلي والخارجي. على فرض أنّ قاطن هذا الحيّ تمتّع بحقّ اللجوء، فهذا عائدٌ إلى كونه ضيف أو جار الإله. يتردّد صدى هذا المفهوم في تعابير جار الله والمجاور (دُهِشَ ابن بطوطة من عدد المجاورين في جامع دمشق الكبير).
نميلُ إذاً إلى اعتبار لفظ جيرون مشتقّاً من جذر ج ي ر أو ج و ر وأنّه أُعطِيَ للحيّ نظراً لطبيعته المقدّسة وحقّ اللجوء المترتّب عليها.
الخريطة الملحقة مأخوذة عن تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجّد للقسم الأوّل من المجلّدة الثانية لتاريخ مدينة دمشق بقلم الحافظ ابن عساكر. يمثّل المستطيل الكبير المحيط بالجامع الأموي جدار أو سور الهيكل الخارجي.
René Dussaud. Le temple de Jupiter Damascénien et ses transformations aux époques chrétienne et musulmane. Syria 1922 (p. 219-250).
No comments:
Post a Comment