Wednesday, November 13, 2019

البيمارستان النوري


موّل الأتابك نور الدين زنكي بناء هذا البيمارستان من فدية أمير من الإفرنج وبناه في حيّ حجر الذهب بين القلعة والجامع الكبير. أصل هذا النوع من المنشآت إيراني ساساني ودخل إلى العالم الإسلامي في عهد الوليد بن عبد الملك الذي بنى بيمارستانه عام ٧٠٧ للميلاد ولكن هذا الأخير كان مندثراً عندما زار ابن جبير دمشق عام ١١٨٤ إذ أنّه لم يذكر إلّا بيمارستانين في المدينة أحدهما جديد (النوري) والثاني قديم (بيمارستان دقاق الدارس).

أجريت تعديلات على بيمارستان نور الدين عام ١٢٨٣ وتحوّل إلى ميتم للبنات عام ١٨٩٩. رمّم عام ١٩٧٥ وهو اليوم متحف الطبّ والعلوم عند العرب .التقطت الصورتان الملحقتان بعدسة Michael Meinecke قبل عام ١٩٨٤ ومعظم المعلومات الواردة مأخوذة ومعرّبة بتصرّف عن Degeorge (المراجع أدناه).


مخطّط البيمارستان مأخوذ من Burns الذي عدّله عن Herzfeld وكما نرى يتواجد المدخل الرئيس (الصورة أعلاه) في الغرب وتعلوه قبوة من المقرنصات. لا يزال الباب محتفظاً بمصراعيه الخشبييّن المكسوّين من الخارج بصفائح حديديّة ترسم أشكالاً هندسيّة متداخلة وهذا الباب مزوّد بطرّاقتين برونزيّتين وعلى يمينه سبيل يعود لعام ١٢٨٣. يعلوا الباب ساكف مثلّثي الشكل من الواضح أنّه مأخوذ من أحد العمائر الكلاسيكيّة (الرومانيّة أو الإغريقيّة). 

تغطّي دهليز المدخل قبّة لها أحد عشر صفّاً من المقرنصات يسندها على الجانبين نصف قبّتين مماثلتين وتذكّرنا هذه القباب بالنماذج في بلاد ما بين النهرين. يفصل الدهليز عن الصحن باب كبير ذو مصراعين خشبييّن مزخرفين يعزى للطبيب-النجّار-نحّات الحجارة مؤيّد الدين الحارثي (مات ١٢٠٢) ويوجد نقش كتابيّ فوق هذا الباب يؤرّخ ترميم ١٢٨٣ في عهد قلاوون.

الصحن مستطيل الشكل يتوسّطه حوض مائيّ كبير وعلى كلّ من أضلاعه إيوان ذو قوس مدبّب. الإيوان الشرقي هو الأكبر حيث نرى فوق قولبة الطنف نصّاً قرآنيّاً منقوشاً وعلى ما يبدوا كانت الاستشارات والمحاضرات الطبيّة تجري في هذا المكان ونرى فيه أيضاً نصّ تأسيس البيمارستان عام ١١٥٤-١١٥٥.  زخرفة الإيوان الجنوبي أكثر غنى وعلى الأغلب يعود لترميم القرن الثالث عشر وكان مستعملاً كمصلّى بدلالة المحراب الرخامي الأبيض المزخرف بالكرمة والعناقيد. تفتح على الصحن أبواب ثمانية قاعات وفوق هذه الأبواب نوافذ transenne جصيّة مخرّمة بنماذج هندسيّة ونباتيّة جميلة. هناك قسم ناقص من البناء كان يحتوي على غرف للمرضى النفسييّن وحمّام ومطاهر. 

كان البيمارستان مقسوماً إلى جناح للرجال وآخر للنساء وفيه قاعات مخصّصة للأمراض الداخليّة والجراحة والعينيّة والعظميّة والإسهالات وكان فيه العديد من الموظّفين السريرييّن والإدارييّن وتجاوزت نفقاته السنويّة الخمسة آلاف دينار بهدف تقديم العلاج للفقراء والمعدمين وكان مؤسّسة علاجيّة وتعليميّة في نفس الوقت. استمرّ العمل فيه حتّى بناء المشفى الحميدي أو مستشفى الغرباء عام  ١٨٩٨-١٨٩٩ للميلاد.  



الآثار الإسلاميّة في مدينة دمشق. تأليف كارل فولسينجر وكارل فاتسينجر تعريب قاسم طوير وتحقيق عبد القادر ريحاوي. 

عبد الكريم رافق. تاريخ الجامعة السوريّة. دمشق ٢٠٠٤.   





Ross Burns. Damascus: A History. Routledge 2005. 

Gérard DegeorgeDamas: Des origines aux Mamluks. L'Harmattan 1997.

Ernst HerzfeldArs Islamica Vol 9 (1942).

Karl Wulzinger Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924.

No comments:

Post a Comment