Wednesday, November 20, 2019

قربان كونون‎



ليس في دورا أروبوس مشيّدات تضاهي أبنية تدمر والنحت فيها أقلّ نوعاً وكمّاً بكثير ممّا تركته لنا عروس الصحراء. تميّزت دورا بلوحاتها الجداريّة الرائعة التي وصلنا منها عيّنات في حالة معقولة رغم الدمار الذي لحق بالمدينة في القرن الثالث للميلاد والنسيان الذي أصابها بعدها (أو لربّما بفضل هذا النسيان). جرى اقتسام هذه اللوحات-الكنوز بين جامعة Yale الأمريكيّة التي شارك خبراؤها في أعمال التنقيب وبين متحف دمشق الوطني


تمتزج التأثيرات الشرقيّة القديمة بنظيرتها الإغريقيّة-الهلنستيّة في لوحات دورا الجداريّة frescoes وتتميّز بمستوياتها الأفقيّة المتراكبة بعضها فوق البعض الآخر وغياب المنظور والجمود الكهنوتي للشخصيّات المصوّرة جباهيّاً (بالمقارنة مع الرسوم الفرعونيّة الجانبيّة). استمرّت هذه المدرسة في الفنّ البيزنطي لاحقاً.

تأتي الآن إلى اللوحة الكبيرة المعروفة بقربان أو تضحية كونون. تبلغ أبعاد هذه التحفة ٣٨٠ عشير المتر (سنتمتر) x ٤٢٥ ونعاين فيها على المستوى العلوي ثمانية أشخاص والسفلي ثلاثة جميعهم متسمّرون في نفس الوضعيّة الكهنوتيّة يشخصون بأبصارهم إلى الأمام. يميل لون الخلفيّة إلى الاصفرار ونرى فيها أعمدة وسطح معمّد entablature يعلوها. الشخص الأوّل من يسار الناظر في المستوى العلوي هو كونون بدلالة نصّ كتابيّ إلى جانب رأسه يتكرّر على ردائه: "كونون ابن نيكوستراتوس". نرى إلى يسار كونون كاهنين حافييّ الأقدام (على غرار عبدة عشتار) على رأسيهما قلنسوتين مخروطيّتين يرتدي كلّ منهما ثوباً أبيض وفي أيديهما الأدوات المستعملة في القربان. يقف الكاهن الأوّل خلف وعاء أزرق محزّز مفعم بالماء ويدلي فيه غصناً بينما نرى مبخرة (؟!) أمام الكاهن الثاني.تقف امرأة ترتدي زيّاً تدمريّاً إلى يسار الكاهن الثاني وعلى ثوبها كتابة "بيثانايا ابنة كونون" ثمّ نرى أربعة أبناء (أو أحفاد؟!) لكونون يمسك كلّ منهم سعفة نخل في يده اليسرى وعلى ثيابهم كتابات "ديوجينيس وليزياس وباتروكلوس أبناء كونون، كونون ابن باتروكلوس". 

يظهر شابّان يافعان وصبيّة في المستوى السفلي ويحمل ثوب أحد الفتية كتابة "نيكوستراتوس ابن كونون.






Sélim et Andrée Abdul-HaqCatalogue Illustré du Département des antiquités Greco-Romaines au Musée de Damas, 1951. 

Gérard Degeorge.  Syrie Art, Histoire, Architecture. Hermann, éditeurs des sciences et des arts 1983. 


No comments:

Post a Comment