نجد في قصيدة النابغة الشيباني (وفيّات ٧٤٣ للميلاد) الوصف الأقدم لرخام جامع بني أميّة في دمشق:
فَكُلُّ إِقبالِهِ وَاللَهُ زَيَّنَهُ
مُبَطَّنٌ بِرُخامِ الشامِ مَحفوفُ
ذكر البلخي (٨٥٠ - ٩٣٤) - بعد حوالي مائتيّ عام من الشيباني - الرخام المجزّع (أي المعرّق veined marble) الذي كسا الجدران أمّا المقدسي (وفيّات ٩٩٠) فقد ذكر الرخام في عدّة مواضع:
"ثمّ بُلِّطَ جميعُهُ بالرخام الأبيض وحيطانُهُ إلى قامتين بالرخام المجزّع ...
وأعمدة الصحن كلّها رخام ابيض ...
ومن أعجب شيء فيه تأليف الرخام المجزّع كل شامة إلى أختها ...
عُقِدَت قَنَاطِرُهُ على أعمدةِ رخام ...
وعلى كلٍّ من هذه الأبواب ميضأة مرخّمة ببيوت ينبع فيها الماء وفوّارات خارجة في قصاعٍ عظيمةٍ من رخام ...
لا ريب أنّ حريق ١٠٦٩ الكبير أتى على الكثير من الرخام الأصلي.
ميّز الحافظ ابن عساكر (١١٠٥ - ١١٧٦ للميلاد) بين الرخام والمرمر (تاريخ مدينة دمشق، الجزء الثاني صفحة ٢٦٦):
"ما في مسجد دمشق من الرخام شيء ، إلّا رخامتا المقام، فإنّه يقال أنّهما من عرش سبأ، وأمّا الباقي فكلّه مرمر".
المقصود بالمرمر الرخام الأبيض وبالرخام، الملوّن. هناك خلافٌ على ما قصده ابن عساكر "بالمقام" بيد أنّ الأمر سيّان كون رخام الجامع أبيض بالكامل عمليّاً بناءً على هذا النصّ وغيره.
كتب ابن صصرى (حوالي ١٤٠٠) في "الدرّة المضيئة في الدولة الظاهريّة" (الجزء الثاني صفحة ١١٩ - ١٢٠):
"ويقال أنّ اللوحان الرخام السمّاقي من عرش بلقيس، ولم يكن في الدنيا مثلهم، وأنّ حيطانه كانت مرخّمة إلى حدّ الفصوص من الرخام الذي هو فوق محرابه اليوم، فإنّه لم يوجد مثله في هذا الزمان، فإنّه يسمّى عند المهندسين بموج البحر، وهو إذا تأمّله الرجل يراه من غرائب الدنيا وعجائبها".
يوحي نصّ ابن صصرى أنّ الرخام أصبح مجزّعاً في عهده ممّا يعكس على الأرجح ترميماتٍ جرت في القرن الثالث عشر أو الرابع عشر أو كليهما.
يعود رخام الجامع اليوم بأسره أو يكاد إلى الترميم في أعقاب حريق ١٨٩٣.
الصورة عن Degeorge (صفحة ١٤٠) من جدار الرواق الشرقي للجامع داخل باب جيرون وتعلوه آثار فسيفساء الوليد.
Alain George. The Umayyad Mosque of Damascus. Art, Faith and Empire in Early Islam. Gingko, 2021.
Gérard Degeorge. La grande mosquée des Omeyyades à Damas. Actes Sud 2010.
No comments:
Post a Comment