Monday, July 29, 2024

أوّل محاريب الجامع الأموي

 


اقتبست الأسطر التالية عن الصفحتين ١٧٤ - ١٧٥ من كتاب الدكتور آلان جورج


لجامع دمشق الأموي منذ البداية محرابان: محراب الصحابة والمحراب المركزي وهذا الأخير أوّل محراب مجوّف التصميم والتنفيذ (١) ممّا أثار انتباه الروّاد من الكتّاب والرحّالة. 


لمّح النابغة الشيباني (وفيّات ٧٤٣ للميلاد) إلى المحراب وزخارِفِهِ في البيتين الآتيين: 


فيهِ الزَبَرجَدُ وَالياقوتُ مُؤتَلِقٌ

وَالكِلسُ وَالذَهَبُ العِقيانُ مَرصوفُ

تَرى تَهاويلَهُ مِن نَحوِ قِبلَتِنا

يَلوحُ فيهِ مِن الأَلوانِ تَفويفُ


ذكر المقدسي (٩٤٥ - ٩٩٠ للميلاد) في "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم": 


"في المحراب وحوله فصوص عقيقيّة وفيروزجيّة كأكبر ما يكون من الفصوص وعلى الميسرة محراب آخر دون هذا للسلطان وقد كان تشعّث وسطه فسمعت انه أُنفق عليه خمسمائة دينار حتّى عاد الى ما كان".

الإشارة واضحة إلى وجود محرابين، على الأرجح المحراب المركزي ومحراب الصحابة. 


نأتي الآن إلى وصف ابن جبير الأندلسي عام ١١٨٤ وهو كالعادة الأغنى والأدقّ في تفاصيلِهِ::


"ومحرابه من أعجب المحاريب الإسلاميّة حسناً وغرابةَ صنعةٍ، يتّقدُ ذهباً كلّه. وقد قامت في وسطه محاريبٌ صغار مّتصلة بجدارِهِ تحفّها سويريّات مفتولات فتل الأسورة كأنّها مخروطة، لم ير شيء أجمل منها، وبعضها حمر كأنّها مرجان. فشأن قبلة هذا الجامع المبارك، مع ما يتصل من قبابه الثلاث، وإشراق شمسيّاته المذهّبة الملوّنة عليه، واتصال شعاع الشمس بها، وانعكاسه إلى كل لون منها، حتى ترتمي الأبصار منه أشعّة ملونة، يتّصل ذلك بجداره القبلي كلّه، عظيم لا يلحق وصفه ولا تبلغ العبارة بعض ما يتصوّره الخاطر منه". 


يذكّر وصف ابن جبير بمحراب القرن التاسع عشر (أي قبل حريق ١٨٩٣) ومن المحتمل أنّ ما رآه هو المحراب الأموي الأصلي أو محراب لاحق لحريق ١٠٦٩ بُني على غرار المحراب الأموي.




الصورتان الملحقتان من أرشيف السلطان عبد الحميد للمحراب قبل وفي أعقاب الحريق المذكور.





١) بعبارة ثانية محراب الصحابة الأصلي كان موقعاً معيّناً على الجدار بكل بساطة. 












Alain GeorgeThe Umayyad Mosque of Damascus. Art, Faith and Empire in Early Islam. Gingko, 2021.

No comments:

Post a Comment