Sunday, November 14, 2021

الحروب الصليبيّة كما رأتها أوروبا


اقتبست العنوان من كتاب للأديب الفرنسي أمين معلوف بعنوان "الحروب الصليبيّة كما رآها العرب". صدر هذا العمل عام ١٩٨٣ وترجم إلى العربيّة والإنجليزيّة. 


تعبير croisade أو حملة صليبيّة في الغرب المسيحي إيجابي للغاية تماماً مثل "الجهاد في سبيل الله" في العالم الإسلامي والملوك والأمراء الذين أوكلت إليهم قيادة الحملة تلو الحملة باتّجاه الشرق الأدنى أبطال في أوروبّا تماماً كخالد بن الوليد وعمرو ابن العاص وعبد الرحمن الغافقي وكثير غيرهم من منظور عربي إسلامي. القداسة - كالجمال - في عين الناظر. 


فلنأخذ على سبيل المثال قصّة (بالأحرى ملحمة في عرف الغربييّن) الدوق الفرنسي Godefroy de Bouillon (١٠٥٨ - ١١٠٠) أوّل حكّام مملكة القدس من الفرنجة. لن أفصّل في سيرته وأقتصر على مختارات مصوّرة من العدد التاسع عشر من السنة الثامنة (الرابع عشر من أيّار ١٩٥٣) لمجلّة tintin البلجيكيّة. الصور بحدّ ذاتها ناطقة خصوصاً بالطريقة التي رسم فيها الفنّان Fred Funcken (١٩٢١ - ٢٠١٣) محاربيّ الإفرنج وخصومهم من العرب والأتراك في زمن لا يعرف اللباقة السياسيّة. 





انتصر الصليبيّون في عدّة مواقع ونجحوا في الإستيلاء على الرها (أورفة أو Édesse) والدخول إلى أنطاكيا ولكنّهم تعرّضوا للحصار داخلها وأشرفوا على الموت جوعاً إلى أن اجترح الراهب Pierre Barthélemy معجزة لم تكن في حسبان أحد عندما عثر على الحربة المقدّسة التي خرقت خاصرة المسيح على الصليب. اعتبر الإفرنج هذه الأعجوبة علامةً ربّانيّة مبشّرة بالنصر المبين وبناءً عليه شحذوا عزائمهم واستجمعوا آخر ما لديهم من جبرؤوت وعناد وصلابة ونجحوا في فكّ الحصار بعد أن كانوا على قاب قوسين أو أدنى من الهلاك. 


تابع الأبطال (أو الأشرار حسب وجهة النظر) مسيرتهم الظافرة نحو القدس التي سقطت أو "تحرّرت" في الخامس عشر من تمّوز عام ١٠٩٩ في نفس التاريخ والساعة التي لفظ فيها المسيح آخر أنفاسه. 


لم ير الإفرنج من هو أكثر جدارة بلقب ملك القدس من بطلهم Godefroy de Bouillon ولكنّه رفض أن يرتدي تاجاً من الذهب في المدينة التي اعتمر فيها ربّه ومخلّصه تاجاً من الشوك واكتفى بلقب "المدافع عن القبر المقدّس".




 

No comments:

Post a Comment