Thursday, November 4, 2021

الخانقاه الطواويسيّة: التاريخ وهويّة البناء‎‎

 


نقل Herzfeld (الصفحة ٥٠ من عدد مجلّة الفنون الإسلاميّة الصادر عام ١٩٤٣عن المستشرق السويسري Max van Berchem النصّ الكتابي الآتي بالخطّ الكوفي فوق العقد المدبّب لباب مدخل تربة صفوة الملك الواقع في الجدار الشمالي:


"أمر بعمارة هذا المشهد والتربة فيه الخاتون الأجلّة صفوة الملوك عزّ نساء العالمين والدة الملك دقاق بن تاج الدولة في سنة أربع وخمسمائة (*)"


(*) الموافق ١١١٠ - ١١١١ للميلاد.


نقشت هذه الكتابة على أربعة أسطر وثلاثة بلاطات من الرخام الأبيض أبعادها مترين طولاً ونصف المتر ارتفاعاً. شاهد va Berchem هذه الكتابة في موضعها ولكنّها فقدت منذ زمن بعيد (سابق لدراسة Sauvaget عام ١٩٣٨ على أقلّ تقدير). 


لم يكتف المستشرق الفرنسي المدقّق بهذا الدليل -على بالغ أهميّته - بل أضاف إليه ما استطاع جمعه من المصادر التاريخيّة وأقربها للحدث ما كتبه ابن القلانسي في "ذيل تاريخ دمشق" عن وفاة صفوة الملك "يوم الأحد آخر جمادى الأولى سنة ٥١٣ (**) ودفنت عند ولدها في القبّة التي بنتها على التلعة المطلّة على الميدان الأخضر"


(**) أيلول ١١١٩ للميلاد. 


كتب ابن عساكر (صفحة ٨٩ من تحقيق المنجّد): 


"مسجد كبير مستجدّ في قبّة قبر الملك دقاق المعروفة بقبّة الطواويس في الرباط بنته خاتون أم دقاق


نأتي الآن إلى ما كتبه ابن شدّاد صفحة ١٤٩ في "الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة" تحقيق سامي الدهّان في ذكر مساجد دمشق وهو تكرار شبه حرفي في القرن الثالث عشر للميلاد لما كتبه ابن عساكر في القرن الثاني عشر باستثناء حذف كلمة "مستجدّ":


"مسجد كبير فيه قبّة قبر الملك دقاق المعروفة بقبّة الطواويس في الرباط بنته خاتون أم دقاق"



ذكر ابن خلّكان (القرن الثالث عشر للميلاد) أنّ دقاق دفن في جامع في حكر الفهّادين خارج دمشق على ضفّة بردى. 


يمكن أيضاّ الرجوع إلى Sauvaire عن العلموي (القرن السادس عشر)  في هذا الصدد والذي نقل فيه عن الصفدي كيف أوعزت صفوة الملك بدسّ السمّ لابنها وندمت بعد موته حيث لا ينفع الندم. 


زار أسامة بن منقذ هذه الخانقاه خلال إقامته في دمشق ١١٣٨ -١١٤٤. 


نستخلص ممّا سبق النتائج الآتية:


- دفن السلطان السلجوقي دقاق تحت قبّة الطواويس. من المعروف أنّ دقاق توفّي عام ٤٩٧ للهجرة (١١٠٤ للميلاد) ويرى Allen وجوب اعتماد هذا التاريخ لبناء التربة أمّا تاريخ اللوحة (١١١٠ - ١١١١) التي ذكرها van Berchem فهو تاريخ الوقف ولربّما الأبنية الإضافيّة (مشهد وخانقاه أو رباط).  

- دفنت أمّه إلى جواره بعد حوالي ثماني سنوات (١١١٩ للميلاد).

- التربة قيد الحديث كانت جزءاً من مجمّع عمراني ضمّ المشهد ورباط للصوفيّة (الخانقاه الطواويسيّة) ومسجد. هنا يتّفق Allen إلى حدّ كبير مع Sauvaget ولا عجب نظراً لكون دراسة العالم الفرنسي الميدانيّة هي الوحيدة من نوعها وعلى حدّ علمي لم يجشّم كائن من كان سواه نفسه عناء تصوير الأطلال. 

- لا يوجد خلاف على المكان ويمكن الاستدلال عليه من عدّة مصادر كتابيّة تاريخيّة حدّدت موقعه في الشرف الأعلى (النعيمي) أو "التلعة المطلّة على الميدان الأخضر" (ابن شدّاد) + اللوحة الكتابيّة التي ذكرها Herzfeld (أعلاه). يعتقد Allen (وغيره) أنّ الحاجز السلجوقي الخشبي في متحف دمشق أتى من هذه التربة. 


أصيبت الخانقاه بأضرار جسيمة في إطار الحملة الصليبيّة السادسة (١٢٢٨-١٢٢٩ للميلاد)  عندما طوّق السلطان الأيّوبي الكامل دمشق في صراع على السلطة بينه وبين ابن أخيه الناصر داود. دام الحصار شهراً نهبت خلاله الخانقاه الواقعة خارج سور المدينة وأحرقت وإن قدّر لما تبقّى منها أن يحيا بما هو أشبه بالمعجزة إلى أن هدم في النصف الأوّل من القرن العشرين.






صلاح الدين المنجّد (خطط دمشق)


صلاح الدين المنجّد. تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر


سامي الدهّان. الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة لابن شدّاد


عبد القادر النعيمي. الدارس في تاريخ المدارس


عبد القادر بدران: منادمة الأطلال ومسامرة الخيال


الآثار الإسلاميّة في مدينة دمشق. تعريب قاسم طوير


أكرم حسن العلبي. خطط دمشق. دار الطبّاع ١٩٨٩


تربة صفوة الملك


الخانقاه الطواويسيّة: ثبت المراجع


الخانقاه الطواويسيّة. المخطّط 







Terry Allen. Ayyubid Architecture


Gérard Degeorge: Damas des Origines aux Mamluks, l'Harmattan 1997 (p 219). 


Ernst Herzfeld. Damascus, Studies in Architecture II. Ars Islamica Vol. X 1943


Roger Le Tourneau. Damas de 1075 à 1154


Henri Sauvaire. Description de Damas


Jean Sauvaget. Les monuments historiques de Damas


Jean Sauvaget. Les monuments ayyoubides de Damas. Livraison I 1938


Karl Wulzinger & Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924. 


Le tombeau de Ṣafwat al-Mulk


Le tombeau de Ṣafwat al-Mulk: le plan

No comments:

Post a Comment