يعود الفضل في أوّل استطلاع شامل لمدينة دمشق إلى الألمانييّن Wulzinger (١٨٨٦ - ١٩٤٩) و Watzinger (١٨٧٧ - ١٩٤٨) ، اللذان أجريا جرداً مفصّلاً بأوابِدِها، وحاولا إعادة تصوّر نسيجها العمراني القديم.
بدأ الباحثان أعمالهما الميدانيّة في كانون ثاني يناير عام ١٩١٧ واختتماها في كانون أوّل ديسمبر من نفس العام. تعيّن الانتظار حتّى نهاية الحرب العظمى (العالميّة الأولى) لنشر هذه الدراسة البالغة الأهميّة على مرحلتين: غطّى الجزء الأوّل، الصادر عام ١٩٢١، دمشق قبل الفتح الإسلامي، بينما كرّس المؤلِّفان الجزء الثاني الأكبر حجماً والأكثر تفصيلاً، الصادر عام ١٩٢٤، للمدينة الإسلاميّة.
تراكم الكثير من المعطيات والاكتشافات المتعلّقة بدمشق خلال المائة عام المنصرمة منذ صدور الدراسة قيد الحديث، وأُعيدَ النظر في الكثير من استنتاجات العالِمَيْن. يبقى عملُهُما مع ذلك مرجعاً أساسيّاً يستند إليهِ الباحثون ومصدراً لا غنى عنه عن معالم المدينة وما أكثر ما دَرَسَ منها خلال القرن الأخير!
من المدهش أنّ أحداً لم يجشّم نَفْسَه عناء ترجمة الجزء الأوّل إلى أي لغة، أمّا عن الجزء الثاني فقد جرى تعريبُهُ عام ١٩٨٣ - ١٩٨٤ على يد الأستاذ قاسم طوير رحمه الله، وتحقيقُهُ وتصحيح عدد من أخطائِهِ من قِبَل الدكتور عبد القادر الريحاوي طيّب الله ثراه. لم يأتِ تعريب طوير على المستوى المطلوب مع شديد الأسف لا من الناحية اللغويّة ولا التقنيّة، واضطررت بالتالي إلى الاستعانة بترجمة جوجل من الألمانيّة إلى الإنجليزيّة في أكثر من مكان لتوضيح بعض النقاط. بالطبع لجأت إلى نفس الحيلة عدّة مرّات في الجزء الأوّل الذي لم يُتَرْجَم إلى أي لغة أصلاً.
دمشق جديرةٌ بما هو أفضل من ذلك. أملي أن أرى تعريباً للجزء الأوّل، وإعادة تعريب بالكامل للجزء الثاني مع إعادة التحقيق، وتوفير الدراسة بكامِلِها للمهتمّين في إخراجٍ يليق بها وبمدينتِنا العريقة.

No comments:
Post a Comment