Tuesday, September 9, 2025

لؤلؤة وملكة المشرق

 


هذا السِفْر أجمل ما عثرتُ عليه إلى اليوم عن دمشق من ناحية الإخراج. المؤلّف المهندس والفنّان والمؤرّخ الفرنسي Gérard Degeorge، تاريخ النشر ٢٠٠٥، والناشر دار Flammarion. عدد صفحات المجلّد ٣٢٠ تتخلّلها ٢٨٠ من اللوحات والخرائط والرسوم والصور الملوّنة العالية الدقّة. الصفحات من القطع الكبير (٢٤٨ في ٣١٨ من معاشير المتر) ووزن الكتاب ٢٤٠٠ غرام. 


الكتاب أغنى بالصور، كمّاً ونوعاً، من سَلَفَيْهِ عن المدينة، حتّى لو أضفنا الأطلس الذي سبقت الإشارة إليهِ، بيد أنّه أفقر بالتفاصيل. هناك فارقُ إضافيّ يتمثّل في ابتعاد Degeorge هنا عن السياسات المعاصرة وانتقاد السلطة الحاكمة تحديداً. بالطبع ما كان له أن يغفل الإشارة إلى تدمير سوق ساروجا وكوارث ما سُمّيَ تجاوزاً بالتخطيط العمراني في الربع الأخير من القرن العشرين (شقّ طريق ين جامع السنجقدار وباب البريد، هدم المسكيّة، تقطيع أوصال حيّ الميدان، تشويه نسيج الصالحيّة العمراني، إلى آخره)، وتحوّل مجرى بردى إلى قناة للصرف الصحّي، والأبراج الحديثة القبيحة في مركز المدينة، وخراب الغوطة، ولكنّه تجنّب الانتقاد الصريح لكبار المسؤولين، عكس ما فَعَلَه عام ١٩٩٤ في أوّل مؤلّفاتِهِ عن دمشق. يمكن إرجاع السبب بكل بساطة إلى سعيه للفوز بتعاون الجهات المعنيّة، وعلى رأسها وزير الدفاع العماد مصطفى طلاس الذي وضع تحت تصرّف دوجورج طائراتٍ مروحيّة لتسهيل مهمّتِهِ. 


شكر المؤلِّف، في نهاية الكتاب، لفيفاً من الباحثين المحلييّن والأجانب، منهم ميشيل المقدسي وإدمون العجي، وخَتَمَ بالتعبير عن امتنانِهِ للكثيرين من الدمشقييّن ممّن فتحوا له أبوابهم عبر السنوات بكرمٍ وعفويّةٍ وضيافةٍ لا نظير لها خارج المشرق.


تُرْجِمَ الكتاب إلى الإنجليزيّة، ولسببٍ ما، الحصول على هذه الترجمة أسهل من اقتناء الأصل الفرنسي.

No comments:

Post a Comment