يعرف القاصي والداني
في العالم العربي مآثر الأمير عبد القادر
بطل الجزائر وأشهر من قاد المقاومة فيها
ضد الفرنسيين ولربما كان الدمشقيون بالذات
أكثر من يعتز به باستثناء الجزائريين
كونه أقام في دمشق بداية من عام 1856
وحتى وفاته بعد ربع
قرن عندما دفن في الصالحية بجوار المتصوف
الأندلسي محي الدين ابن عربي إلى أن نقل
رفاته إلى مسقط رأسه في الجزائر عام 1965
للميلاد.
يمكن بهدف التبسيط
أن نتناول الأمير عبد القادر من ثلاثة
زوايا منها ما هو معروف ومتفق عليه ومنها
ما يجهله أو بالأحرى يتجاهله السرد
التقليدي في العالم العربي عموماً وسوريا
خصوصاً.
هناك الأمير عبد
القادر "الأول"
الذي أبلى البلاء
الحسن لسنوات طوال في مقاومة الاستعمار
الفرنسي مكبداً إياه أفدح الخسائر وتطنب
وتسهب كتبنا المدرسية في وصف كره وفره و
صولاته وجولاته والتي مهدت الطريق "لثورة
المليون شهيد" في
منتصف القرن العشرين.
تألق الأمير عبد
القادر" الثاني"
في دمشق منفاه ووطنه
بالتبني عام 1860 عندما
بذل قصارى جهده لإنقاذ من أمكن إنقاذه من
مسيحيي دمشق عندما هاجم الرعاع والحثالة
حيهم ودمروه أو كادوا. لا
يوجد ذكر لهذه المجزرة في كتب المدارس
السورية وليس هذا بهدف أن تغمط هذه الكتب
حق الأمير ولكن لأن أقل ما يقال عن أحداثها
أنها مخزية ومشينة ولا تنسجم مع أسطورة
التعايش السلمي بين الأديان وحب الطوائف
بعضها بعضاً إلى درجة الهيام.
بالطبع كتب الكثيرون
عن مجزرة 1860 وعادة
يلجأ المحليون إلى أغرب التفسيرات
والتبريرات والتي تعزوا هذه المأساة
بالدرجة الأولى إلى التدخل الأجنبي
وتتناسى من قتل ونهب وأحرق ولكن القيمون
على الأمور في بلادنا يعتبرون حتى هذا
السرد أكثر مما يمكن لحساسية طلاب المدارس
أن تتحمله.
أما "التقمص
الثالث" للأميرعبد
القادر وهو الأقل معرفة في العالم العربي
فهو محمي فرنسا في دمشق وأخلص أعوانها.
إذا كان الأمير عبد
القادر وقتها أحد أغنى أغنياء دمشق فهذا
بفضل ريع سنوي من الحكومة الفرنسية جرت
مضاعفته في أعقاب مذبحة 1860 إلى
150 ألف فرنك
وهو مبلغ هائل في ذلك الزمن يضاف إليها
وسام جوقة الشرف الذي أنعمه عليه أعداءه
السابقون. تزوج
الأمير خمس مرات وحسب بعض المصادر قارب
عدد أولاده الأربعين أما عن قصره أو قصوره
في دمشق فهذا موضوع آخر.
|
No comments:
Post a Comment