Monday, January 2, 2017

الأمير عبد القادر الجزائري 1808-1883 الرجل والأسطورة



يعرف القاصي والداني في العالم العربي مآثر الأمير عبد القادر بطل الجزائر وأشهر من قاد المقاومة فيها ضد الفرنسيين ولربما كان الدمشقيون بالذات أكثر من يعتز به باستثناء الجزائريين كونه أقام في دمشق بداية من عام 1856 وحتى وفاته بعد ربع قرن عندما دفن في الصالحية بجوار المتصوف الأندلسي محي الدين ابن عربي إلى أن نقل رفاته إلى مسقط رأسه في الجزائر عام 1965 للميلاد.

يمكن بهدف التبسيط أن نتناول الأمير عبد القادر من ثلاثة زوايا منها ما هو معروف ومتفق عليه ومنها ما يجهله أو بالأحرى يتجاهله السرد التقليدي في العالم العربي عموماً وسوريا خصوصاً.

هناك الأمير عبد القادر "الأول" الذي أبلى البلاء الحسن لسنوات طوال في مقاومة الاستعمار الفرنسي مكبداً إياه أفدح الخسائر وتطنب وتسهب كتبنا المدرسية في وصف كره وفره و صولاته وجولاته والتي مهدت الطريق "لثورة المليون شهيد" في منتصف القرن العشرين.

تألق الأمير عبد القادر" الثاني" في دمشق منفاه ووطنه بالتبني عام 1860 عندما بذل قصارى جهده لإنقاذ من أمكن إنقاذه من مسيحيي دمشق عندما هاجم الرعاع والحثالة حيهم ودمروه أو كادوا. لا يوجد ذكر لهذه المجزرة في كتب المدارس السورية وليس هذا بهدف أن تغمط هذه الكتب حق الأمير ولكن لأن أقل ما يقال عن أحداثها أنها مخزية ومشينة ولا تنسجم مع أسطورة التعايش السلمي بين الأديان وحب الطوائف بعضها بعضاً إلى درجة الهيام. بالطبع كتب الكثيرون عن مجزرة 1860 وعادة يلجأ المحليون إلى أغرب التفسيرات والتبريرات والتي تعزوا هذه المأساة بالدرجة الأولى إلى التدخل الأجنبي وتتناسى من قتل ونهب وأحرق ولكن القيمون على الأمور في بلادنا يعتبرون حتى هذا السرد أكثر مما يمكن لحساسية طلاب المدارس أن تتحمله.

أما "التقمص الثالث" للأميرعبد القادر وهو الأقل معرفة في العالم العربي فهو محمي فرنسا في دمشق وأخلص أعوانها. إذا كان الأمير عبد القادر وقتها أحد أغنى أغنياء دمشق فهذا بفضل ريع سنوي من الحكومة الفرنسية جرت مضاعفته في أعقاب مذبحة 1860 إلى 150 ألف فرنك وهو مبلغ هائل في ذلك الزمن يضاف إليها وسام جوقة الشرف الذي أنعمه عليه أعداءه السابقون. تزوج الأمير خمس مرات وحسب بعض المصادر قارب عدد أولاده الأربعين أما عن قصره أو قصوره في دمشق فهذا موضوع آخر.



Lortet, Louis 1836-1909
La Syrie d'aujourd'hui : 1875-1878
Paris : Hachette
1880-1882



No comments:

Post a Comment