تشغل الدكتورة نانسي
خالق مرتبة أستاذ مساعد في الدراسات
الدينية في جامعة براون وقد صدر كتابها
عام 2011 عن
مطابع جامعة أكسفورد.
ليس هذا بكتلب يتناول
تاريخ دمشق history بقدر
ما هو يتعلق بعلم التاريخ historiography
أي الطريقة والتقنية
التي يتعرض فيها المؤرخون والأكاديميون
للموضوع قيد البحث وكيفية مباشرة وتفسير
المصادر المتوافرة سواء كانت مكتوبة أو
ملموسة (الأثار
العمرانية والفنية وغيرها) أو
منقولة شفهياً.
الفترة تحت الدراسة
هي الممتدة من الغزو الاسلامي لسوريا في
ثلاثينات القرن السابع للميلاد إلى العهد
الأموي الذي لفظ أنفاسه في منتصف القرن
الثامن والمشكلة هنا أن المصادر المباشرة
(أي المعاصرة)
لهذه الأحداث الجسام
محدودة للغاية إن لم نقل شبه معدومة إلى
أن جاء إبن عساكر الدمشقي بتاريخه الشهير
للمدينة ليسلط الأضواء على بدايات العهد
الاسلامي في سوريا ويعطي على الأقل مواد
البناء إذا جاز هذا التعبير والتي أضاف
إليها المؤرخون اللاحقون عبر العصور.
المشكلة
هنا ببساطة أن الفترة الزمنية بين الحافظ
إبن عساكر 1106–1175
وبين
نهاية العهد الأموي تبلغ حوالي الأربعة
قرون وأن المصادر التي يذكرها في كتابه
غير موجودة إلا من خلال هذا الكتاب وإن
بذل الكاتب قصارى جهده "لإسناد"
ما وثقه
على طريقة الأحاديث النبوية:
"عن
فلان عن فلان أن فلاناً قال"وهناك
بشكل عام طريقتان لحل هذه المعضلة:
الأولى
أن نقبل ما ذكره إبن عساكر (أو
غيره من الرواة) على
علاته كما نقبل صحيح البخاري مثلاً.
الثانية
أن نرفض ما قاله جملة وتفصيلاً ما لم تؤيده
مصادر مستقلة cross
examination بيزنطية
أو فارسية أو غيرها أو دلائل ملموسة على
أرض الواقع كالنقود المعدنية والعمائر
وهلمجرا.
حلت المؤلفة هذه
المشكلة بطريقة مبتكرة تتلخص بالتركيز
ليس فقط عما كتبه السلف وإنما كيف كتبوه
(مصادرهم
كما وصفوها) ولماذا
كتبوه وتحت أي ظروف. باتباع
هذا المنهج تكتسب السيرة أهمية خاصة كونها
تعكس المفاهيم والقيم لدى كتابة السطور
وإن لم تسرد بالضرورة الأحداث كما وقعت
فعلاً قبل مئات السنين من تدوينها.
بعبارة أخرى هدف
الكتابة يمكن أن يكون دينياً (الدفاع
عن وتبرير المذهب أو المذاهب السنية)
أو للتوكيد على هوية
مكتسبة (إسلامية)
أو لشرح أحداث زمن
الكتابة عن طريق إيجاد سياق "تاريخي"
لها.
لنأخذ على سبيل
المثال قصة "إكتشاف"
الخليفة الوليد إبن
عبد الملك لرأس يوحنا المعمدان (النبي
يحيى) خلال
الحفريات التي سبقت بناء جامع بني أمية
الكبير والتي أوردها إبن عساكر ومن ثم
إبن شداد (مات
عام 1285 للميلاد)
بعده بقرن من الزمن
وغيرهم نقلاً عنهما.
بمراجعة النصوص
التاريخية نجد أن رأس المعمدان "اكتشف"
أكثر من مرة قبل
الإسلام بقرنين من الزمن وفي أكثر من مكان
(حمص
والقسطنطينية) وأن
"ذخائر"
المعمدان كانت
منتشرة في أرجاء الشرق الأدنى.
رغم كل ذلك تبقى
نادرة الوليد الأول مع رأس المعمدان هامة
للغاية ليس لأنها حقيقة تاريخية لا يمكن
دحضها ولكن كونها لعبت دوراً جوهرياً مع
غيرها من الأساطير والسير "المتفق
عليها myths agreed upon في
بناء هوية جديدة عربية وإسلامية إعتباراً
من معطيات الكتاب المقدس وسوريا البيزنطية
السريانية.
https://global.oup.com/academic/product/damascus-after-the-muslim-conquest-9780199736515?cc=us&lang=en&
No comments:
Post a Comment