يحنّ كثيرون من السوريين لماضٍ مثالي مزعوم عاش فيه الشعب ناعماً آمناً في كنف الحرية و الديمقراطية و الرخاء. دامت هذه الجمهورية الفاضلة منذ أن استقلت سوريا عام 1946 إلى إنقلاب 8 آذار 1963 أو على الأقل إلى الوحدة مع مصر في شباط 1958 ثم أتت سنوات الطغيان والقمع والفساد والمحسوبية والطائفية التي أوصلت الوطن إلى الوضع الحزين الذي يعيشه الآن.
هذه وجهة نظر كغيرها و يمكن مناقشتها. على سبيل المثال كانت الخمسينات فترة إنقلابات عسكرية وكان الجيش هو القوة الحاكمة سواء مباشرة (الشيشكلي) أم من خلف الكواليس (عبد الحميد السراج) وكانت سوريا حلبة صراع بين محور القاهرة - الرياض من جهة ومحور بغداد - عمّان من جهة ثانية كما شرح باتريك سيل في كتابه الشهير "الصراع على سوريا". ولكن بهدف الاختصار لنسلمّ جدلاً أنّ الجمهورية السورية كانت جنة نعيم تحت حكم أعيان المدن و أنها كانت تعيش عهداً ذهبياً لم تعرفه البلد منذ أيام الأمويين والخلفاء الراشدين، ما هي الخيارات في الوقت الحاضر؟
هب أن حكومة الأسد سقطت غداً، من سيشغل فراغ القوة الناجم؟
1. يحلم البعض بعودة قديسي الأربعينات والخمسينات: آل العظم، القوتلي، الأتاسي، الجابري، الشيشكلي، البرازي، مردم بك، وهلم جرّا... و هذا إن لم يكن مستحيلاً فهو شبه مستحيل. إذا حالف سوريا الحظ سيقودها في القرن 21 أبو محمد الجولاني، أبو بكر البغدادي، أبو عمر الشيشاني، أبو بصير الطرطوسي، أبو الفرج الليبي، إلى آخر الأبوات...
2. على هول الخيار رقم واحد يبقى أفضل من الفوضى والحرب الأهلية إلى ما لا نهاية والتي لا تزعج أحداً في العالم إلا السوريين والذين يستقبلون المهجّرين السوريين.
3. تقسيم سوريا وارد طبعاً ولكن قلما جرى تقسيم سلمي. على الأغلب يحتاج التقسيم إلى سنوات وسنوات من سفك الدماء والتهجير والدمار والتطهير العرقي والديني قبل رسم حدود جديدة.
بعد التفكير العميق لربما كان العهد العروبي ليس بهذه الدرجة من السوء.
No comments:
Post a Comment