لكل حكومة مناصريها و خصومها و لا تخرج الحكومة السورية عن هذه القاعدة. موقف المعارضة السورية منذ عام 2011 و من يدعمها من القوى الخارجية من حكومة الرئيس الأسد معروف للقاصي و الداني و لا لزوم للإسهاب في شرحه و لا نية لي في التعليق عليه. أريد هنا أن أتطرق إلى موقف بعض الموالين للقيادة السورية و الذي ليس لدي أدنى شك بحسن نواياهم و غيرتهم على وطنهم الأم و أيضاً موقف بعض المفكرين العرب أو من أصول عربية و الذين لا أشك في نزاهتهم و لا إلتزامهم بما يعتقدونه حقاً و عدلاً.
لعل الدكتور أسعد أبو خليل (مواليد لبنان و يحيا في الولايات المتحدة الأمريكية منذ ثلاثة عقود و نيف) و مدونته "وكالة أنباء العربي الغاضب" أفضل من يمثل هذه المدرسة الأخيرة. لا أخفي أنني أتابع هذه المدونة يومياً و كنت و لا زلت معجباً بسعة علم الدكتور أبو خليل و حدة ذهنه و الحضور الدائم لقريحته. أضيف هنا أن الدكتور أبو خليل كما يعرف نفسه شيوعي ملتزم و لا ديني و يكره الطائفية بكل أشكالها و يزدري الأنظمة العربية الرجعية و ما يسمى في هذه الأيام بالثورة السورية. أخيراً و ليس آخراً الدكتور أبو خليل مناصر متحمس للقضية الفلسطينية و عدو لدود لإسرائيل و الصهيونية.
قامت إسرائيل قبل يومين بإغتيال سمير قنطار في جرمانا و سارع الدكتور أبو خليل مشكوراً بكتابة و نشر مرثاة مؤثرة عن الفقيد لخص فيها خصوصاً تاريخ كفاحه ضد الصهاينة و يمكن الإطلاع على النص الكامل بالعربية على صفحة الدكتور أبو خليل و الإنجليزية على مدونته.
لم يقتصر الدكتور أبو خليل على إدانة عدوان إسرائيل و نفاق عرب الخليج و أزلامهم بل تطرق كعادته إلى مهاجمة الحكومة السورية و إتهامها بالتقصير في حماية قنطار و أمثال قنطار من الأبطال و أن شغل هذه الحكومة الشاغل و همها الوحيد حماية رجال النظام القتلة الفاسدين و أن مقاومتها لإسرائيل تتلخص "بالإحتفاظ بحقها في الرد في المكان و الزمان المناسبين".
ليس عندي أدنى شك أن الدكتور أبو خليل مخلص و حسن النية و يشهد على إلتزامه سنوات طويلة كتب فيها و حاضر و تحدث و دافع عما يعتبره خيراً و حقاً. أضيف إلى ذلك أن الحكومة السورية ليست منزهة لا بل هي بعيدة عن الكمال و يوجد فيها حتى اليوم أشخاص فاسدون في أرفع المستويات و قصرت في الكثير و على سبيل المثال و ليس الحصر: فشلها في حماية البيئة و فصل الدين عن الدولة و إحتواء التزايد السكاني... و لن أدافع عنها بالقول أن كل هذه العيوب موجودة في معظم دول الشرق الأوسط بل و العالم أجمع بدرجات متفاوتة.
بإختصار كل ما أطلبه هو بعض الواقعية و الموضوعية و محاولة التعرض بصدق و أمانة لبعض النقاط:
١. سوريا كانت و لا تزال أضعف من إسرائيل بكثير و لأسباب لا علاقة لها ببطولة الإسرائيل أو جبن القيادة السورية لا من قريب و لا من بعيد. كنت و لا زلت أعتقد أنه لو تخلى الأسد عن الجولان و سمح بسفارة إسرائيلية في دمشق لما كان هناك "ربيع عربي" في سوريا و الدليل ما حصل أو بالأحرى لم يحصل في الأردن.
٢. نعم لقد فشلت القيادة السورية في حماية سمير قنطار و لكنها فشلت أيضاً في حماية آصف شوكت و داود راجحة و حسن تركماني و غيرهم ممن يعتبرهم الدكتور أبو خليل مافيا من اللصوص و القتلة. صحيح أن إسرائيل لم تقتل هولاء و لكن يمكن القول أن من قتلوهم يلعبون لعبة إسرائيل عمداً أو جهلاً.
٣. يعيب الدكتور أبو خليل على مناصري "النظام السوري" تهليلهم للتدخل الروسي و آمالهم المبالغ فيها فيما يمكن أن يحققه هذا التدخل. كلام جميل و لكن هل هناك بديل مقنع لروسيا؟ هل يستطيع أي مفكر شبه موضوعي أن يزعم أن سوريا تسطتيع مجابهة إعلام الغرب و تسليح و تمويل الخليج و جهاديي العالم الذين يعبرون إلى سوريا من تركيا و غيرها دون أي مساعدة خارجية؟
ختاماً لا يوجد معارضة مشروعة عندما يكون الوطن في خطر لا تحت الأنظمة السلطوية و لا الديمقراطية ناهيك عن معارضة مسلحة مع كامل إحترامي لكل رأي مخالف من محبي سوريا و هم كثيرون و مع تقديري للدكتور أبو خليل و الذي تبقى نقاط الإتفاق بينه و بيني أكثر بكثير من نقاط الإختلاف.
No comments:
Post a Comment