Tuesday, July 3, 2018

ترميم فسيفساء الجامع الأموي

جرى كشف فسيفساء جامع بني أميّة الكبير في عشرينات القرن الماضي كما رأينا ولكن ماذا عن ترميمها؟

أعارت الخبيرة السويسريّة Marguerite Van Berchem اهتماماً خاصّاً لفسيفساء جامع دمشق والطريقة المثلى للعناية بها وقامت في هذا الصدد بمراسلة السلطات السوريّة في حزيران عام ١٩٣٧ مقترحة إرسال خبير بهدف ترميم الفسيفساء وتدريب تلاميذ من دمشق على أفضل التقنيّات المطلوبة في عمليّة من هذا النوع ممّا بتيح الاستغناء عن المهنييّن الأجانب في المستقبل. أتت الحرب العالميّة الثانية عام ١٩٣٩ مع الأسف ونجم عنها وضع المشروع على الرفّ لأجل غير مسمّى. 

الصورة بالأبيض والأسود تعود لعام ١٩٢٨-١٩٢٩ عندما تمّ كشف الفيسفساء. الصورة الملوّنة مأخوذة عام ٢٠١٠ وتعكس ترميماً جرى عام ١٩٦٥

أراد الأستاذ  Creswell  بعد عشرين سنة من هذه الملابسات أن يراجع ويجدّد ما كتبه عن فسيفساء قبّة الصخرة والجامع الأموي فقام بالاتّصال السيّدة Van Berchem التي ساهمت في كشفها ودراستها أصلاً ولم تتوقّف عن الاهتمام بها البتّة وبالفعل استجابت لندائه وعادت إلى دمشق لتعاين التطوّرات على أرض الواقع وهالها ما رأته فاستنجدت بمدير المعهد الفرنسي في بيروت وقتها السيّد  Henri Seyrig  (الذي سبق وأدار معهد دمشق الفرنسي ١٩٣٨-١٩٤٢) وكتبت له في آب ١٩٦٥ وجاء في خطابها:

"تتعرّض الفسيفساء حاليّاً لمذبحة تجعل دراستها الشاملة قبل الإضافات الحديثة التي شوّهتها والتي لا علاقة لها بالعمل الأصلي على الإطلاق مستحيلة". 


لبّى السيّد Seyrig نداء العالمة السويسريّة وحاول الاتّصال بمديريّة الآثار والمتاحف في حزيران ١٩٦٦ دون جدوى واستمرّ "الترميم" على قدم وساق رغم احتجاج السيّدة Van Berchem من جديد أنّ الفسيفساء الأثريّة "تدمّر بالمطرقة ليستعاض عنها بقطع حديثة ذات ألوان صارخة يجدها هؤلاء الناس أفضل من الأصليّة" وأرسلت الرسالة تلو الرسالة تشكوا إلى الجهات المعنيّة ولكن لا حياة لمن تنادي. 

لم تثبّط هذه العقبات الكأداء همّة السيّدة Van Berchem التي لا تعرف الكلل فالتمست مساعدة المهندس Lucien Cavro الذي أشرف على نسخها في أواخر العشرينات وكان لهذه النسخ الفضل في الحفاظ على الفسيفساء بشكلها الأصلي وألوانها الأصليّة ممّا أتاح للعالمة إعادة نشر دراستها عام ١٩٧٠ وركّزت في هذه الدراسة على الترميم الغير مهني الذي غيّر الحال الأصليّة للفسيفساء إلى حدّ كبير. 

هل كان من الأفضل أن تبقى هذه الفسيفساء خافية تحت الطلاء الجيري إلى أن تتطوّر المهارات المحليّة بما يكفي للعناية بها؟ لا أملك الجواب ولكن ما أعرفه أنّ الترميم المهني عمليّة بطيئة ومكلفة للغاية مقارنة مع سهولة ويسر وسرعة ورخص الترميم لمجرّد الترميم أو (مع شديد الأسف) هدم الأصل والاستعاضة عنه بنسخة مشوّهة.  


Fondation Max Van Berchem

http://bornindamascus.blogspot.com/2018/06/blog-post_18.html

No comments:

Post a Comment