ولد الكاتب قرب طولكرم عام 1910 و نال درجته في التاريخ من الجامعة الأمريكية في بيروت. ألف كتباً عديدة قبل أن توافيه المنية عام 1981 و نشر كتابه و هو موضوع هذه السطور عام 1969 و هو تاريخ سياسي في مجمله يتناول الفترة بين حملة نابوليون على مصر و جنوب سوريا بداية من عام 1798 و نهاية بحرب حزيران 1967. يتجاوز طول الكتاب 400 صفحة و ليس هدفي محاولة تلخيصه و لا التعليق عليه و إنما نقل أفكار الكاتب من خلال مؤلفه بفتح اللام بأمانة مع التركيز على بعض المواضيع التي يبدي فيها وجهة نظر مغايرة للدراسات التاريخية التقليدية خصوصاً الغربية منها و لن أتعرض للبعض الآخر من المواضيع إلا ضمن أضيق الحدود إذ أهرق فيها من الحبر ما هو أكثر من الكفاية. تجدر الإشارة أن ما يقصده الكاتب بسوريا هو سوريا الجغرافية.
الفصل الأول مخصص لمقدمة مختصرة عن أهمية و ديمومة أثر الفتح العربي في القرن السابع الميلادي و يتطرق إلى الفتح العثماني في مطلع القرن السادس عشر ليدخل بعدها في لب القصيد و هي الفترة التي تستهلها حملة بونابارت عام 1798 و التي أحبطت تحت أسوار عكا بجهد عثماني - إنجليزي لمع فيه نجم أحمد باشا الجزار.
يتعرض الفصل الثاني للحركة الوهابية و التي قضى عليها والي مصر محمد علي ثم يتطرق إلى زيادة نفوذ الأقليات الدينية المسيحية و خصوصاً اليهودية و يفسر ذلك (صفحة 46) أن هذه الأقليات أكثر مطواعية للحكام و الولاة خاصة إذا تعلق الأمر بمواضيع مشبوهة أخلاقياً (كممارسة الربا) مما لا يرضى شيوخ المسلمين التقاة أن يتورطوا فيها و يضرب مثالاً على ذلك حاييم فارحي الذي جمع ثروة ضخمة كمستشار في الأمور المالية. يعرج الكاتب بعدها إلى ثورة اليونان في عشرينات القرن التاسع عشر و التي إفتتحها اليونانيون بذبح المسلمين.
الفصل الثالث عن إحتلال إبراهيم باشا لسوريا و إستغلالها إقتصادياً لصالح محمد علي و فرض الخدمة العسكرية الإلزامية التي أثارت إستياء كثير من السوريين. حابى إبراهيم باشا مسيحيي سوريا خصوصاً و الأقليات عموماً و كان المدعو حنا بحري متنفذاً في مجال المالية. يذكر طيباوي في الصفحة 90 بإختصار غير معهود "قضية دمشق" عندما إختفى الأب توما كبوشي و إتهم اليهود بإستعمال دمه لخبز فطيرهم و يبدوا أنه يسلم ضمناً و إن لم يقل ذلك صراحة بأن بعض اليهود قاموا فعلاً بقتل الراهب بعد سرقته و يستشهد بميخائيل مشاقة الذي قال ما معناه أنه لو تعاونت الطائفة اليهودية عوضاً عن إنكار ذنب بعض الأنذال فيها لما وصلت الأمور لما وصلت إليه.
بعد التطرق إلى الإصلاحات العثمانية المعروفة تحت إسم التنظيمات يتعرض الفصل الرابع إلى بواكير المشاكل الطائفية بين الدروز و الموارنة و صعود نجم الموارنة على حساب الدروز (أسياد لبنان الإقطاعيين حتى ذلك الحين) ثم هجرة العديد من الدروز من جبل لبنان (الذي كان يدعى وقتها جبل الدروز) إلى حوران هرباً من الإضطهاد. زاد تدخل أوروبا بذريعة حماية الأقليات بالتدريج: الروس للأرثودوكس، فرنسا للكاثوليك، بريطانيا للدروز و اليهود و البروتستانت كما زاد دور البعثات التبشيرية. في عام 1856 صدر عن الباب العالي خط همايون الذي أعلن مساواة كل الرعايا العثمانيين بغض النظر عن دينهم.
تناول الفصل الخامس الحرب الأهلية عام 1860 أو بالأحرى المجزرة التي يطلق عليها إسم "طوشة النصارى" و يرجع خلفيتها إلى تدخل قوى خارجية و إقليمية. يقول (صفحة 123) أن المصريين نزعوا سلاح الدروز و تركوا للمسيحيين أسلحتهم و أن عملاء البريطانيين قاموا بتوزيع الأسلحة عام 1840 (في إطار خططهم لطرد إبراهيم باشا من سوريا) و يضيف أن أحداث 1860 رويت من وجهة نظر الموارنة من قبل كتاب متحاملين على الدروز و العثمانيين و بالتالي الإسلام مشدداً على أن الدروز كانوا أقل عدداً و عدة من الموارنة و أن بداية سفك الدماء كانت عندما هاجم الموارنة الدروز في قرية عين دارا (صفحة 124) ثم إنتقلت الفتنة إلى دمشق عن طريق بعض المحرضين الدروز و دامت المذبحة أربعة أيام إعتباراً من 9 تموز و شارك فيها العديد من المسلمين و لم يستطع الوالي أحمد باشا إحتواء العنف لعدم توافر قوات كافية تحت تصرفه. يضيف الكاتب أن الدمشقيون إستهجنوا إعدام أحمد باشا بأمر الباب العالي و إعتبروه شهيداً. يتستنتج طيباوي (صفحة 133) أن التشجيع الأوروبي هو الذي غرر بمسيحيي سوريا و حملهم على التطرف بعد أن يقول (صفحة 131) أن أحداً لم يعاقب هولاء على دورهم في إشعال الأزمة و التي بولغ حسب ظنه بدوافعها الطائفية على إعتبار أن المجزرة لم تطل اليهود. يختم المؤلف هذا الفصل بالتقليل من أهمية المطابع اليسوعية و الأمريكية في إحياء التراث اللغوي العربي (صفحة 145) كونها ركزت إهتمامها على التبشير و المواضيع الدينية و الطائفية و بالتالي كانت موجهة للمسيحيين فقط بينما كانت مطابع بولاق و القسطنطينية مقبولة من كل العرب السوريين.
الفصل السادس يسرد قصة تضارب ولاءات السوريين و بحثهم عن هوية ثم ينتقل إلى الوالي مدحت باشا (حكم سوريا 1878-1881) و في زعمه أن شعبية هذا الأخير و إنجازاته في الشام مبالغ فيها (صفحة 157) و أنه كان طموحاً و يلعب على الحبلين. يتطرق الكاتب بعدها إلى بدايات الهجرة اليهودية إلى فلسطين من أربعينات القرن التاسع عشر أو قبلها ثم ينتقل في الفصل السابع إلى علاقة السلطان عبد الحميد مع سوريا و الإنجازات التي تمت في عهده كشق السكك الحديدية و غيرها و من الواضح تعاطفه مع عبد الحميد و العثمانيين عموماً و الذين عززوا علاقتهم مع ألمانيا (صفحة 188) إعتباراً أواخر القرن و إستمر هذا بعد صعود جماعة الإتحاد و الترقي و تركيا الفتاة صفحة 199.
الفصول 8-10 تتناول الحرب العالمية الأولى و ما يسمى بالثورة العربية الكبرى و وعود بريطانيا للهاشميين ثم ما جرى بعد الحرب و تشمل حوالي 170 صفحة لا مجال للتعرض لها في أسطر قليلة و في كل الأحوال يوجد تيهور من الكتب التي تناولتها بالتفصيل. الفصل الحادي عشر يغطي فترة إنتداب فرنسا و الثاني عشر و هو الأخير عهد الإستقلال مروراً بالإنقلابات العسكرية و الوحدة و الإنفصال و البعث إلى كارثة 1967 حيث يتوقف السرد.
إذا بقي ذرة من شك بعد مطالعة 420 صفحة عن كون الكاتب إسلامي الهوى فستبدد في سطوره الأخيرة: "طالما مشت سوريا خلال تاريخها إلى النصر و المجد تحت راية الإسلام و إلى الآن لم تستطع أن تبرهن على قدرتها على مجاراة ذلك تحت راية العروبة".