Saturday, May 14, 2016

السلطوية في سوريا: المؤسسات والصراع الإجتماعي 1946-1970 لستيفن هايدمان

صدر هذا الكتاب عن جامعة كورنيل عام 1999 ويحسن إعطاء نبذة وجيزة عن المؤلف هايدمان. ولد الكاتب عام 1957  وهو مختص بالعلوم السياسية والإقتصاد السياسي للشرق الأدنى وشغل منصب أستاذ مساعد للعلوم السياسية في جامعة كولومبيا في نيويورك. عن موقفه من المأساة السورية بداية من عام 2011 تكفي الإشارة إلى مقال نشره في الواشنجتون بوست مؤخراً وأفتى فيه أن "الدولة الإسلامية أي داعش قامت 
بمساعدة من النظام السوري بإمتصاص مساحات واسعة من سوريا" وحلل في نفس المقال أسباب ما وصفه بعزوف وتردد أوباما في التدخل في سوريا. يبقى الكاتب مع ذلك من ذوي الصوت المسموع فيما يسمى "معهد الولايات المتحدة للسلام" والإعلام الأمريكي عموماً و من العبث تجاهل ما يقوله بحجة أننا لا نوافق عليه وفي كل الأحوال الكتاب المذكور يتعرض لأحداث دخلت في التاريخ ومات أبطالها منذ سنين. 


يحاول الكاتب من خلال 220 صفحة في لغة أكاديمية و لربما جافة أن يحلل أسباب ديمومة الحكم البعثي في سوريا لا بل ومرونته في مواجهة الكثير من التحديات الداخلية والخارجية و التغلب عليها أو على الأقل إحتواء هذه التحديات. يبدأ السرد مع بداية عهد الإستقلال والذي إنتهى معه الصراع ضد الفرنسيين وبدأ الصراع على تحديد هوية سوريا، مسارها الإقتصادي. و من يحكمها. بدا مستقبل سوريا مشرقاً في مطلع الإستقلال وحققت الصناعة نمواً سريعاً وإن بقيت سوريا معتمدة على الزراعة والتي كانت تتطور وتتمكنن بخطى حثيثة في خمسينات القرن العشرين.

تحت هذه الظروف برزت مجموعة جديدة من رجال الأعمال والصناعيين لتنافس مالكي الأرض وبالطبع كان لا بد من ظهور دعاة الإصلاح وبالتالي صعود اليسار للمطالبة بحقوق العمال والفلاحين والمقصود باليسار البعث وجماعة أكرم الحوراني والشيوعيين. أدت منافسة اليساريين بعضهم بعضاً إلى ظهور إتجاهين: الشيوعيين مع حليفهم المليونير خالد العظم من جهة والبعثيين من جهة أخرى وإستطاع البعثيون بالإتفاق مع بعض ضباط الجيش المتنفذين أن يدفعوا سوريا بإتجاه الوحدة كوسيلة للجم الشيوعيين وأملاً أن يشاركهم عبد الناصر في الحكم. 


عملت حكومة الوحدة (1958-1961) على التركيز على دور الدولة في بناء المؤسسات والذي بدأ في عهد الشيشكلي وعلى تعزيز شعبوية الحكم السلطوي من خلال العمال و الفلاحين كما ركزت على التصنيع وأدخلت الإصلاح الزراعي والخطط الخمسية. أثارت هذه الخطوات قلق رجال الأعمال ولكن مالكي الأرض كانوا أكبر المتضررين بينما كانت شكاوى الرأسماليين مبالغ فيها ولا يوجد دليل أن إقتصاد سوريا إجمالاً تضرر من الوحدة إذ أن الأرقام تظهر زيادة الصادرات السورية لمصر نسبة للواردات في هذه الحقبة وهذا بالطبع لا ينفي أن البعض قد تضرر وأن السياسات المتبعة لم تكن دوماً حكيمة أو معصومة عن الخطأ. 

أتى الإنفصال عام 1961 و أتت معه محاولة رجال الأعمال ومالكي الأرض والنخبة القديمة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإن إقتضى الأمر إستعمال سلطوية الدولة عوضاً عن محاولة التفاهم مع الوجوه الجديدة ومشاركة السلطة وهذا يدل أن أولوياتهم لم تكن إستعادة الديمقراطية بقدر ما هي التخلص من ميراث الوحدة الإقتصادي والإجتماعي وبالنتيجة يمكن إعتبار جهودهم تتلخص بإعتماد "الطريق السلطوي إلى الديمقراطية" إعتماداً على نفس المؤسسات السلطوية والتي أصبحت راسخة مع نهاية عهد الوحدة. كما يعلم الجميع كان عهد الإنفصال بعيداً عن الإستقرار وحفل بالإنقلابات و التغيرات الوزارية. 

شاركت عناصر متعددة في إنقلاب 1963 و الذي أدى بالنتيجة إلى إستلام البعث زمام الحكم. لم يتردد البعثيون في اللجوء للقوة بهدف تكريس حكم سلطوي يتسم بالديمومة كما إستعملوا الصراع الطبقي وركزوا على البيروقراطية والتي طهروها من مشبوهي الولاء ونجحوا في بناء مؤسسات لدعم الحكم وأعادوا برمجة الإقتصاد رغم إضرابات منتصف الستينات التي قمعوها بيد من حديد وخلقوا المنظمات الشعبية العقائدية وإحتكروا أو حاولوا الإتجار بالعملة. طوال هذه الفترة يقلل الكاتب من أهمية الفروق بين قيادات البعث القديمة والجديدة ويتجاوز عن الصراع داخل البعث فبالنسبة له يبقى الموضوع الأساسي ما فعله البعث للإحتفاظ بالسلطة بغض النظر عن الأشخاص وهنا يكمن سر نجاحه ودوام نفوذه وسلطته. شهدت الأعوام 1968-1970 تنافساً على السلطة بين صلاح جديد وحافظ الأسد من وراء الكواليس وعندما وصل هذا الأخير إلى الحكم عام 1970 كان بإستطاعته الإعتماد على جهاز سلطوي ذو مؤسسات مستقرة تم تطويرها على مدى عشرات السنين وقام بدوره بتوسيعها وتقويتها مما يفسر قدرته على lلإستمرار حتى نهاية القرن العشرين. 



http://www.cornellpress.cornell.edu/book/?GCOI=80140100275770

https://www.washingtonpost.com/news/monkey-cage/wp/2016/03/14/why-the-united-states-hasnt-intervened-in-syria/

No comments:

Post a Comment