الكتابُ قيد المراجعة واحدٌ من سلسلةٍ من الدراسات التي نشرتها حكومة الولايات المتّحدة وتحديداً Federal Research Division of the Library of Congress قسم الأبحاث الفدرالي في مكتبة الكونجرس، عن العديدِ من البلدان إن لم نقل معظم أو حتّى كلّ البلدان. أتعرّض هنا إلى طبعة عام ١٩٨٨ وهي ليست الأولى، ويمكن بفضل CIA (وكالة المخابرات المركزيّة) تحديث بعض المعلومات فيها. الكتابُ متوافرٌ بالمجّان للتحميل.
يبلغ عدد صفحات الكتاب حوالي ٣٥٠، يتخلّلُها عددٌ لا بأس بهِ من الخرائط، والصور بالأبيض والأسود، والمخطّطات، والجداول. كثيرٌ من هذه المعطيات سوريّ المصدر، سواءً من أشخاص أو مؤسسّاتٍ حكوميّة. لا داعي لأن نوافق على آراء المؤلّفين السياسيّة كي نعترف أنّ هذه الدراسة كنزٌ من المعلومات، وأنّها عملٌ أكاديمي ومهني قلَّ نظيرُهُ باللغة العربيَة. أضف إلى ذلك عزوف معظم الكتّاب العرب والسورييّن عن الخوضِ في كثيرٍ من المواضيع التي تناولتها، ولأسبابٍ غنيّةٍ عن التعريف.
يتوزّع العمل على خمسة فصول، الأوّل مخصّص للتاريخ منذ البدايات وحتّى عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد. الفصل الثاني مكرّسٌ للجغرافيا، والمجتمع، والمكوّنات الدينيّة والطائفيّة للشعب السوري، والتعليم، والصحّة. الفصل الثالث يعالج الاقتصاد بمختلف قطاعاتِهِ، والرابع الحكومة والسياسة، والخامس والأخير الأمن القومي بما فيه علاقة سورّيا مع جيرانها، المعارضة ضدّ الحكومة، الجيش والقوّات المسلّحة، و"رعاية سوريّا للإرهاب" بين أبو نضال ونزار هنداوي مروراً بالأحزاب اللبنانيّة.
بلغ عدد سكَان سوريا ١٠٫٦ مليون نسمة عام ١٩٨٦، منهم ربع مليون لاجئ فلسطيني. تزايدَ السكّان بمعدّل ٣٫٧٪، ممّا يعني أنَ معظم السورييّن كانوا (ولا يزالون) من الشباب. قُدِّرَت نسبةُ المسلمين بحوالي ٨٥٪، منهم ١٣-١٥٪ من العلوييَن؛ أمّا عن المسيحييَن فشكّلوا قرابة ١٠٪ ، بينما أعطى المؤلّفون الدروز نحو ٣٪ من الإجمالي. بالنسبة لتعداد القوَات المسلَحة وقتها فسأوردها كما في المصدر وإن خامرني بعضٌ من الشكّ في دِقّتِها: الجيش النظامي ٣٩٦٫٠٠٠ مع ٣٠٠٫٠٠٠ احتياط، القوى الجويّة ١٠٠٫٠٠٠ نظامي و ٣٧٫٠٠٠ احتياط. شكّلت نفقات الجيش ٤٢٪ من إجمالي مصاريف الحكومة. امتلكت سوريّا ٤٫١٠٠ دبَابة مع ٦٥٠ طائرة مقاتلة.
استندت بنية الحكومة السوريّة على دستور ١٣ آذار ١٩٧٣ الذي نصّ على وجوب كون الرئيس مسلماً، عربيّاً سوريّاً، وبالغاً من العمر ٤٠ سنة على الأقلّ. أعطى الدستورُ الرئيسَ صلاحياتٍ هائلة: ليس فقط كرئيس السلطة التنفيذيّة، وإنّما أيضاً القائد الأعلى للقوَات المسلّحة. يستطيع الرئيس تعيين وإقالة أي ضابط وأي وزير بما فيهم رئيس مجلس الوزراء. بإمكان الرئيس أيضاً أن يحلّ مجلس الشعب، ويستلمَ السلطة التشريعيّة بشكل مؤقّت إذا دعت الحاجة. أضف إلى كلّ ما سبق أنّه الأمين العام لحزب البعث، وبوسْعِهِ إذا تعرّضت البلاد للخطر أن يستحوذ على صلاحياتٍ استثنائيّة (حسب المادة ١١٣) تجعله فوق كل القوانين.
على الصعيد الاقتصادي شَهِِدَت فترة منتصف الثمانينات انهيار أسعار النفط، وتدهور حجم الصادرات السوريّة ومعها قيمة الليرة، ودخول البلاد في عهد تقشّفٍ، وإن ساعدها على عبور الأزمة بشكل أو بآخر اكتشاف كميّات لا بأس بها من النفط قرب دير الزور. على الصعيد السياسي لدينا الحرب الأهليّة اللبنانيّة، والصراع السوري - الإسرائيلي، وتوتّر العلاقات مع العراق وتركيّا، والمد والجزر في العلاقات مع الأردنّ ومنظّمة أو بالأحرى منظّمات التحرير الفلسطينيّة ممّا لا يمكن تغطيتهُ في هذه العُجالة.

No comments:
Post a Comment