صورة غلاف الكتاب مأخوذة من كتاب سوريا اليوم للطبيب والمستشرق والرحّالة الفرنسي Louis Lortet الصادر عام ١٨٨٤ وهي لسبيل عبد الله باشا العظم المندثر أمّا الكتاب قيد البحث فهو للسيّد عبد الرحمن بن حمزة النعسان أستاذ في كليّة هندسة العمارة في جامعة دمشق وهو من منشورات المعهد الفرنسي للشرق الأدنى عام ٢٠٠٨ عندما وقع الاختيار على دمشق لتكون عاصمة الثقافة العربيّة.
أنجز المؤلّف كتابه عام ١٩٨٦ وشاءت الظروف أن تتمّ طباعته بعد ٢٢ عاماً ولم يتعرّض الأستاذ النعسان في المقدّمة لأسباب هذا التأخير وفي كلّ الأحوال عمل من هذا النوع يستحقّ الانتظار ولا علم لي إذا طرق الباحثون هذا الموضوع بالذات من قبل. بالنسبة للمنهج فقد قام الكاتب بوضع مخطّط لجميع السبلان داخل السور وتصويرها فوتوغرافيّاً ونقل النصوص والكتابات من لوحاتها (مهمّة ليس بالسهلة إذ كثير منها طمس مع مرور الزمن وإساءة الاستعمال) ووصفها فنيّاً ومعماريّاً ووصف لمواد بنائها ووضعها الراهن.
يمهّد الكاتب بالتعريف بالفيجة وبردى وفروعه وشبكة توزيع المياه في دمشق أي نظام الطوالع مستنداً في ذلك على أبحاث Richard Thoumin في ثلاثينات القرن العشرين ينتقل بعدها إلى دراسة لبعض أهمّ السبل فيه المختصر المفيد من الوصف والصور المرفقة بالإسقاطات الهندسيّة ويبوّب السبل من البدائيّة منها التي اقتصر الاهتمام فيها على النواحي النفعيّة والوظيفيّة إلى آيات الفنّ في العهدين المملوكي والعثماني عندما تعاظم الاهتمام بالنواحي الزخرفيّة والجماليّة. تزيّن الكتاب عشرات الصور بالأبيض والأسود من نوعيّة متوسّطة ويلحق به ثلاث خرائط مطويّة تعيّن مواقع السبلان مع بعض التفاصيل الإضافيّة. خصّص المؤلّف ثمانية صفحات في نهاية الكتاب يجدول فيها أسماء السبل وأسماء منشئيها ومجدّديها وتاريخ الإنشاء والتجديد وموقعها ووضعها الراهن وطرازها ومقترحاته للمحافظة عليها وهي معلومات لا تقدّر بثمن على الأقلّ من الناحية التوثيقيّة في حال إذا ذهيت هذه التحف ضحيّة الإهمال ونقص التمويل والجهل وحتّى الطمع.
تزايد تلوّث بردى مع حلول القرن العشرين ولم تعد مياهه صالحة للشرب ويضرب المؤلّف على ذلك مثال وباء الهيضة (الكوليرا) عام ١٩٠٧ وحدا هذا الوالي ناظم باشا لفرض ضرائب لتمويل جرّ مياه عين الفيجة بواسطة قسطل قطره ٢٥ عشير المتر وتمّ توزيع المياه على المدينة بواسطة كبّاسات ظلّت تعمل حتّى الربع الثالث من القرن الماضي. تشكّلت عام ١٩٢٤ لجنة مياه عين الفيجة ومع حلول ١٩٣٢ انتشرت المياه العذبة النظيفة والصحيّة في ربوع دمشق وتناقصت الحاجة إلى السبل العامّة.
No comments:
Post a Comment