لربّما كان هذا العمل باللغة الإنجليزيّة أفضل ما كتب عن آثار سوريا عموماً وهو بالطبع موجّه بالدرجة الأولى للسيّاح الغربييّن. المؤلّف هو المؤرّخ وعالم الآثار Ross Burns الذي شغل منصب سفير أستراليا إلى سوريا في الماضي وأمّا عن الكتاب فقد صدرت طبعته الأولى عام ١٩٩٢.
من الصعب إن لم يكن من المستحيل تغطية أوابد الشام في ثلاثمائة صفحة مهما كانت كثافنها بالمعلومات إذ هكذا حيّز بالكاد يكفي لإعطاء دمشق أو حلب جزأً من حقّهما (للكاتب عمل مستقلّ عن تاريخ دمشق من أفضل ما كتب عنها صدر في مطلع القرن الحادي والعشرين) وبناء عليه فقد ركّز السيّد Burns على مواقع معيّنة اعتبرها بيت القصيد وصنّف المعالم حسب أهميّتها وعلى سبيل المثال أعطى *** (أي "العلامة" التامّة) لحلب ودمشق (احتلّت دمشق ١٠٪ من صفحات الكتاب) وبصرى وتدمر وقلعة الحصن والجامع الأموي في دمشق وقلعة سمعان وأفاميا. هناك أيضاً مواقع أخذت ** (منها صافيتا وطرطوس وأوغاريت) وثالثة * (مثلاً حماة وقلعة دمشق وماري) وهلمّجرّا. من البدهي أنّ هذا التصنيف رأي شخصي وقد يعترض عليه البعض خصوصاً وأنّ الحيّز المخصّص للمعالم الإسلاميّة صغير نسبيّاً ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ تاريخ الإسلام يقلّ عن ١٥٠٠ سنة في بلاد عرفت حضارة مزدهرة منذ الألف الثالث قبل الميلاد.
يستهلّ المؤلّف كتابه بمقدّمة تاريخيّة منذ البدايات وحتّى عهد الانتداب الفرنسي تليها عشرة صفحات تبحث تطوّر العمارة عبر العصور نأتي بعدها إلى متن الكتاب الذي يتناول المواقع الأثريّة حسب التسلسل الأبجدي. تحت كلّ باب يورد العالم الأسترالي إسم المكان أو أسمائه المختلفة (مثلاً بصرى الرومانيّة هي Bostra والسويداء Dionysias وطرطوس القديمة Antaradus وهكذا دواليك). الخطوة التالية تفصيل أفضل الطرق إلى الموقع نأتي بعدها إلى لمحة تاريخيّة يليها الوصف العماري والفنّي. العرض باختصار أقرب ما يكون إلى القاموس أو الموسوعة. يختم Ross كتابه بمجموعة من الخرائط الجيّدة (تتخلّل الكثير من المخطّطات صفحات الكتاب) يليها معجم للمصطلحات الفنيّة والهندسيّة العماريّة ثمّ جدول للتسلسل الزمني للأحداث من بداية عصر البرونز حتّى جلاء الفرنسييّن عن سوريا وختاماً أهمّ المراجع بعدّة لغات.
هناك بعض الأخطاء التي لا بدّ منها في عمل شامل وفردي من هذا النوع وكان من الممكن تلافيها بسهولة عن طريق المراجعة والتدقيق والتمحيص (مثلاً الخريطة صفحة ٨٤ تخلط بين سوق السروجيّة وشارع سوق ساروجا في دمشق وذكر أنّ صلاح الدين إبن أخ أو لربّما إبن أخت nephew نور الدين وغيرها) ولكن غنى الكتاب يعوّض عن هفوات من هذا النوع ويزيد. ألحق المؤلّف ٢٠ صورة بالأبيض والأسود لبعض المعالم من نوعيّة مقبولة وفي كلّ الأحوال هناك مراجع أفضل فيما يتعلّق بالصور ولربّما فضلّ بعض السيّاح استعمال كاميراتهم الخاصّة.
سوريا ترحّب بكم!
No comments:
Post a Comment