تغطّي كتب العلوم الاجتماعيّة في المناهج المدرسيّة السوريّة شتّى المواضيع المتعلّقة بتاريخ وجغرافية "الوطن العربي" من المحيط (الأطلسي) إلى الخليج (العربي أو الفارسي) يضاف إليها ما يسمّى "التربية الوطنيّة" أو "الثقافة القوميّة الاشتراكيّة" التي تركّز على فكر حزب البعث. بالنسبة للمناهج الدينيّة فهي إمّا إسلاميّة أو مسيحيّة ولا يتعدّى دورها تعريف الطلّاب بالشعائر والنصوص المقدّسة وإسنادها وتفسيرها والتعليق عليها وترتيلها وحفظها "بصم" مع لمحة تاريخيّة مختارة بعناية فائقة لتجنّب "خدش" مشاعر التلاميذ وذويهم.
لا أذكر أيّ محاولة مهما كانت متواضعة لمناقشة معتقدات "الغير" ومن أراد أن يقرأ عن الأئمّة الشيعة وملّة الإثني عشريّة وغيرها من المذاهب الإسلاميّة والمسيحيّة واليهوديّة إلخ فعليه أن يبحث في مراجع خارجيّة أو أن يسأل أهله أو رجال دين طائفته على الأقلّ حتّى أمد قريب أي قبل العصر المعلوماتي. باختصار لا يوجد تغطية تستحقّ الذكر لمكوّنات الشعب السوري وأطيافه الدينيّة والمذهبيّة. المقرّرات المدرسيّة "تعلّم" الدين كشعائر وكليشيهات ومسلّمات لا تقبل الجدل وليس الدين كمكوّن هامّ لتطوّر الفكر اليشري منذ أقدم الأزمنة.
نعود إلى كتاب Dussaud الصادر عام ١٩٠٠ عن تاريخ ومعتقدات العلوييّن وهو كتاب أكاديمي باللغة الفرنسيّة ومن أوائل المحاولات الجادّة لطرق هذا الموضوع الهامّ بطريقة علميّة. يبدأ المؤلّف بذكر مراجعه فيقسمها إلى قسمين: الأوّل المصادر العلويّة (أو النصيريّة كما أسماها) وعددها ٢٠ والثاني المصادر غير العلويّة بما فيها النصوص الجغرافيّة وروايات الرحّالة من الشرق والغرب وعددها ١١٥.
أوّل المصادر العلويّة "كتاب الباكورة السليمانيّة في كشف أسرار الديانة النصيريّة" لسليمان أفندي الأذني أو الأضني بطول ١١٩ صفحة كما طبع في بيروت عام ١٨٦٣. يسرد هذا الكتاب عدداً من النصوص الدينيّة منها "كتاب المجموع" الذي يفترض أنّ محمّداً أعطاه للنصيريّة وأخفاه عن الإسلام (أي السنّة). يجب هنا التنويه أنّ سليمان أفندي (من قرى أنطاكيا) نصيري ارتدّ فاعتنق الدين اليهودي ثمّ أصبح مسلماً فروميّاً فبروتستانتيّاً. هناك أيضاً كتاب مجموع الأعياد لأبي سعيد ميمون بن القاسم الطبراني وكتاب الأسوس وكتاب الصراط وكتاب تعليم ديانة النصيريّة وغيرها.
بالنسبة للمصادر غير العلويّة فمنها المعادي ومنها المحايد. لدينا "الرسالة الدامغة للفاسق في الردّ على النصيري" ويعتقد البعض أنّها من تأليف حمزة المبشّر الدرزي (٩٨٥-١٠٢١ للميلاد) ووزير الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله وكان هذا في محاولة منه للحدّ من انتشار معتقدات النصيريّة إلى جنوب سوريا عندما اصطدمت مع التبشير الدرزي في وادي التيم. زار إبن بطوطة إقليم العلوييّن في منتصف القرن الرابع عشر وأحد أهمّ المراجع للفترة اللاحقة فتوى إبن تيميّة الشهيرة ضدّ النصيرييّن (والتي شملت أيضاً القرامطة والإسماعيلييّن الفاطمييّن و"الحشّاشين"). أوّل من أدلى بمعلومات دقيقة عن النصيريّة الرحّالة والمستشرق Niebuhr عام ١٧٨٠ وقد نقل عنه الكثيرون لاحقاً دون إضافة تذكر. هناك إشارة قصيرة للفرنسي Renan عن العلوييّن في ستّينات القرن التاسع عشر وأتى بعده الأب Henri Lammens الذي ركّز على ما اعتقده العلاقة بين المعتقد العلوي والدين المسيحي.
للحديث بقيّة.
https://www.persee.fr/doc/syria_0039-7946_1959_num_36_1_5371
http://bornindamascus.blogspot.com/2018/04/blog-post_11.html
No comments:
Post a Comment