Thursday, April 12, 2018

من هم النصيريّون؟


أشرت في مقال سابق إلى كون العلوييّن مصطلح حديث نسبيّاً إذ استعملت الغالبيّة العظمى من المؤلّفين كلمة "النصيرييّن" حتّى عهد الانتداب الفرنسي وبالتالي لم يكن Dussaud إلّا متّبعاً للتيّار العامّ في هذا الصدد وتعرّضنا في مقال ثان لأهمّ المراجع عن النصيريّة العربيّة منها والأجنبيّة، المحايدة منها والمحابية والمعادية. الخطوة التالية هي تعريف هذا المكوّن السوري الأصيل وتقصّي خطواته عبر التاريخ.



يتوزّع العلويّون على الكثير من المدن والأقاليم السوريّة اليوم على عكس الحال عام ١٩٠٠ عندما رأت دراسة الأستاذ Dussaud الكلاسيكية النور. في ذلك الوقت انحصر وجود الغالبيّة العظمى من العلوييّن بمنطقة يحدّها غرباً سهول الساحل والبحر المتوسّط  وجنوباً النهر الكبير أو ما عرف قديماً باسم Eleutheros وشمالاً الجبل الأقرع Mount Casius مع مصبّ العاصي على البحر وشرقاً وادي العاصي والسهول المحيطة به. النصيريّون بيض البشرة عموماً ممّا حدا البعض إلى ربطهم بالوجود الصليبي في بلاد الشام في القرون الوسطى (على نفس المبدأ نسب بعضهم الدروز إلى Comte de Dreux) وفيما يلي أهمّ النظريات عن أصل التسمية مع أصحاب هذه النظريّات قدر الإمكان:

أوّلاً: لربّما كانت الرواية الأكثر قبولاً هي التي تشتقّ اسم النصيريّة من أبي شعيب محمّد بن نصير (نهايات القرن التاسع الميلادي) وهو من أتباع إمام الشيعة الحادي عشر الحسن العسكري.  

ثانياً: هناك من قال أنّ أصول النصيريّة من أنصار المدينة (يثرب).

ثالثاً: ادّعى Ernest Renan أنّ النصيري تصغير ناصري (جمعه نصارى) أو نصراني أي مسيحي (يقول الأب Henri Lammens أنّ النصيريّة اعتنقوا الديانة المسيحيّة في مطلع القرن الخامس الميلادي وهو زعم يرفضه Dussaud جملة وتفصيلاً).

رابعاً: يحدّد  Pliny  (القرن الأوّل الميلادي) إقليماً أسماه Nazerini يفصله نهر العاصي عن أفاميا ويوافق جبال العلوييّن (قديماً Mons Bargylus) ويبدو أنّ Dussaud يرجع اسم "النصيريّة" إلى أصل Nazerini وبالتالي فهو يصف إقليماً وليس طائفة ولا ديناً وهذا الإقليم مع سكّانه أقدم من الإسلام والمسيحيّة

في نهاية المطاف لكل إنسان الحقّ في اختيار اسمه وهذا لا ينفي أهميّة التسميات القديمة من الناحية العلميّة وكلّ من لديه اطّلاع على طبوغرافيا سوريا التاريخيّة يعلم أنّ جبال العلوييّن لم تكن الوحيدة التي تغيّرت تسميتها. التغيير هو القاعدة وليس الاستثناء.


للحديث بقيّة. 

No comments:

Post a Comment