Friday, April 13, 2018

العلويّون منذ العهد الروماني إلى نهاية القرن التاسع عشر


يختلط تاريخ العلوييّن مع كنعانييّ الساحل وقد رأينا في مقال سابق أنّ Pliny في القرن الأوّل للميلاد حدّد موقع الإقليم العلوي تحت اسم Nazerini ومنه "النصيريّة". تمتّع النصيريّون باستقلال نسبي عن الساحل خاصّة بعد انحطاط قوّة  أرواد وصمدت الديانات القديمة "الوثنيّة" في الجبال حتّى القرون الوسطى في مواجهتها مع المدّ المسيحي كما صمدت اللغات السوريّة القديمة (الآراميّة أو السريانيّة) في الجبال إلى أن تغلغلت العربيّة في القرن العاشر ويلاحظ Dussaud أنّ المدن الساحليّة في السهول غلبت عليها التسميات الإغريقيّة الهلنستيّة بينما احتفظت مواقع الجبل بأسمائها الساميّة وعباداتها الفينيقيّة.



واجه النصيريّون الإفرنج خلال الحملة الصليبيّة الأولى عام ١٠٩٩ وقتل منهم الكثير. دخل الاسماعيليّون إلى الجبل في مطلع القرن الثاتي عشر واستحوذوا على معاقل قدموس ومصياف وغيرها وكانوا لفترة مرهوبي الجانب على الأقلّ حسب روايات مؤرّخي الصليبييّن والسنّة إلى أن قضى صلاح الدين على الوجود الفاطمي في مصر وأجهز عليهم المغول في إيران والظاهر بيبرس في سوريا.

علاوة على حروبه ضدّ الصليبييّن قام بيبرس بمحاولة لحمل النصيرييّن على اعتناق الإسلام كما فهمه لم يقدّر لها الكثير من النجاح ويخبرنا إبن بطوطة عن فتنة في عهد السلطان المملوكي الملك الناصر محمّد قتل فيها الآلاف وعن إهمال النصيريّة للمساجد التي بنيت في قراهم. 

فتوى إبن تيميّة عن النصيريّة غنيّة عن التعريف وقد اتّهمهم  زوراً وبهتاناً -أو في أحسن الأحوال عن جهل- بالتعاون مع الصليبييّن وأنّهم -مع القرامطة- "أسوأ من اليهود والنصارى وعبدة الأوثان" وأحلّ دمائهم وأموالهم ونادى بالجهاد ضدّهم. المشكلة في تطبيق هذه الفتوى كانت بكل بساطة أنّ النصيرييّن لم يكونوا دخلاء أو طفيلييّن بل على العكس كانوا العمّال الزراعييّن الوحيدين في إقليمهم من الناحية العمليّة وبالتالي كان الاستغناء عنهم صعباً إن لم يكن متعذّراً على ملّاك الأراضي السنّة.  



شهدت العهود اللاحقة حملات دوريّة ضدّ النصيريّة (من قبل باشا دمشق عام ١٨٠٨ على سبيل المثال) وقمعهم إبراهيم باشا المصري ابن محمّد علي في ثلاثينات القرن التاسع عشر وأرسل العثمانيّون حملات إضافيّة عام ١٨٧٠ وأيضاً ١٨٧٧ في محاولة لإخضاع الجبل للسلطة المركزيّة في القسطنطينيّة بهدف تحصيل الضرائب وفرض الخدمة العسكريّة ولكن جهودهم لحمل العلوييّن على "اعتناق الإسلام" لم تكن أكثر نجاحاً من محاولات بيبرس قبل ٦٠٠ سنة. 

http://bornindamascus.blogspot.com/2018/04/blog-post_11.html
http://bornindamascus.blogspot.com/2018/04/blog-post_80.html
http://bornindamascus.blogspot.com/2018/04/blog-post_12.html

No comments:

Post a Comment