لا يزال حضور الجنس اللطيف طاغياً في مهنة التمريض في الولايات المتّحدة الأمريكيّة حيث تتجاوز نسبة النساء ٩٠% ومؤخّراً تجاوز عدد طالبات الطبّ في السنوات الأولى بقليل ٥٠% ويعني استمرار هذا الاتّجاه أنّ المسألة مسألة وقت قبل أن تشكّل النساء أغلبيّة أطبّاء أمريكا الشماليّة باستثناء الاختصاصات الجراحيّة التي لا تزيد نسبة الإناث فيها على الربع ولكن حتّى هذا المعقل الأخير لهيمنة الرجال يتآكل يوماً بعد يوم مع دخول المزيد ثمّ المزيد من الشابّات -جرّاحات المستقبل- غرف العمليّات.
لربّما ساعدت الفروقات البيولوجيّة بين الرجل والمرأة في تفسير ما يمكن دعوته شبه احتكار نسائي للتمريض. المرأة كمربيّة وأمّ أكثر صبراً وجلداً على العناية بالأطفال -وغير الأطفال- كوالدة وممرّضة ومعلّمة ومجالسة babysitter وقليل من العائلات من يأتمن ذكوراً على العناية بصغارهم. موضوع الطبّ مختلف فالمنافسة عليه أكبر لعدّة اعتبارات ماديّة واجتماعيّة وحتّى سياسيّة.
عودة على سوريا. يخبرنا الدكتور عبد الكريم رافق نقلاً عن أستاذ الجراحة الفرنسي Lecercle عن وجود طالتين مسيحيّتين في المعهد الطبّي في دمشق عام ١٩٢٦ الثانية منهما لوريس ماهر التي انتسبت للمعهد للعام الدراسي ١٩٢٤-١٩٢٥ لتتخرّج منه في التاسع والعشرين من حزيران ١٩٣٠ مع ستّة من زملائها الذكور وتتسلّم شهادتها في حفل التخرّج على مدرّج الجامعة بحضور رئيس الوزراء عندما دوّت القاعة بالتصفيق لأولى أوانس سوريا من حملة شهادة الطبّ.
خرّج المعهد الطبّي أيضاً عدداً من القابلات والممرّضات (١٥ منهنّ واكبن تخرّج الدكتورة ماهر) وتولّى تدريبهنّ ممرّضات فرنسيّات أسندت إليهنّ العناية بالمشفى الجامعي بينما أعلن رئيس الجامعة الدكتور رضا سعيد عن نيّة بناء دار للتوليد مستقلّة عن المشفى.
رأينا كيف افتتحت مدرسة الآداب في نهاية العشرينات وكان عدد الذكور أكبر بكثير من الإناث في عامها الأوّل (١٣٢ فتى مقابل سبع فتيات) وتغيّر هذا في السنة الأخيرة (قبل إلغاء المدرسة) عندما التحق بها عشر طالبات وستّة عشر طالباً. معظم المنتسبات كنّ من المعلّمات أو الطامحات إلى ترقية في وظيفتهنّ ومنهنّ من أردن الثقافة للثقافة.
انتسبت أوّل فتاة إلى معهد الحقوق عام ١٩٢٩-١٩٣٠ وأوّل طالبة لفرع طبّ الأسنان ١٩٣٢-١٩٣٣.
للحديث بقيّة.
الصور محفوظة في الأرشيف الفرنسي في مدينة Nantes.
No comments:
Post a Comment