تدهورت المدارس الفقهيّة الشاميّة الشهيرة في أواخر العهد العثماني لعدّة أسباب وكانت الأغلبيّة الساحقة من الدمشقييّن من الأميييّن في مطلع القرن العشرين. تواجد في ولاية سوريا (مركزها دمشق وشملت وقتها ألوية الشام وحماة وحوران ومعان) -للأقليّة المحظوظة- أربع أنواع من المدارس حسب تقرير القنصل البريطاني بتاريخ ١٣ أيلول ١٩٠٩ كما يلي:
أوّلاً: الكتاتيب -جمع كتّاب- التي تعلّم الصبية الدين واللغة العربيّة (رحم الله عبد اللطيف فتحي وسكيتش شيخ سعدو). عدد التلامذة فيها اثني عشر ألفاً.
ثانياً: المدارس الرسميّة الحكوميّة ولغة التعليم فيها تركيّة (المدارس الرشديّة التي أقامها السلطان عبد الحميد وتؤدّي للمدارس الإعداديّة). عدد تلامذتها أقلّ بقليل من ستّة آلاف.
ثالثاً: المدارس الأجنبيّة التبشيريّة والدينيّة سواءً كانت بروتستانتيّة (إنجليزيّة وأمريكيّة وإيرلنديّة) أو كاثوليكيّة خصوصاً فرنسيّة (العازارييّن والفرنسيسكان واليسوعييّن) أو أرثوذوكسيّة روسيّة أو يهوديّة Alliance Israélite Universelle. تجدر الإشارة هنا إلى اتّخاذ فرنسا قرار فصل الدين عن الدولة في التاسع من كانون أوّل عام ١٩٠٥ ولكن هذا لم يمنع من دعمها للبعثات الدينيّة في البلاد التي كانت تحاول نشر نفوذها فيها. عدد تلامذة هذه المدارس حوالي عشرة آلاف وخمسمائة.
رابعاً: مدارس الطوائف الإسلاميّة والمسيحيّة (١٣١ فيها أربعة آلاف طالب وطالبة على وجه التقريب).
بالنسبة للتعليم العالي تعرّضنا -بفضل الدكتور عبد الكريم رافق- لنشوء المدرسة الطبيّة أمّا عن مدرسة الحقوق فقد تأخّرت عنها عقداً من الزمن لتفتتح بالنتيجة في بيروت في تشارين عام ١٩١٣ وكانت لغة التدريس فيها التركيّة باستثناء الفقه ومشتقّاته التي درّست بالعربيّة.
لم يطل مقام مدرسة الحقوق في بيروت إذ جرى نقلها إلى دمشق في خريف ١٩١٤ عقب اندلاع الحرب العالميّة الأولى واستقرّت في حيّ اليهود لتعود إلى بيروت عندما وضعت الحرب أوزارها.
اشترط للقبول في مدرستيّ الطبّ والحقوق دراسة إعداديّة لمدّة سبع سنوات أو التقدّم لامتحان ويمكن اعتبار مكتب عنبر (بداية من أواخر ثمانينات القرن التاسع عشر) نموذجاً لهذه المدارس الإعداديّة وكان يمنح الشهادة المتوسّطة بعد إتمام الصفّ الخامس والإعداديّة (تعادل الثانويّة العامّة اليوم) بعد إتمام السابع. افتتح في المكتب قسم للمرحلة الابتدائيّة عام ١٩١٢-١٩١٣ فأصبحت فترة الدراسة فيه ممتدّة على إثني عشر عاماً.
أكرم حسن العلبي. خطط دمشق. دار الطبّاع ١٩٨٩.
No comments:
Post a Comment