Saturday, April 8, 2017

دمشق من البدايات حتى سقوط المدينة بيد الآشوريين عام 732 قبل الميلاد

المؤلف Wayne T Pitard حائز على دكتوراه من جامعة هرفارد ولدى صدور الكتاب عام 1987 كان معلماً للدراسات الدينية في جامعة Illinois في الولايات المتحدة. يركز البحث على المصادر الكتابية وهي كما سنرى محدودة للغاية للفترة قيد الدرلسة. 


يبدأ الكاتب بتعريف جغرافي للمدينة والمنطقة المحيطة بها وعلى اعتبار أن التنقيب تحت المدينة الحالية شديد الصعوبة وباهظ الكلفة لجأ علماء الآثار إلى سبر التلال المحيطة بها كتل الصالحية وتل أسود وغيرها في محاولة منهم لرسم الخطوط العريضة لملامح دمشق عن طريق استقراء معطيات هذه التلال ومقارنتها وتعميمها في حدود الممكن.

أهم مناطق الحفريات في محيط دمشق من العصر الحجري القديم إلى العصر البرونزي المتوسط

فيما يتعلق بالمدينة القديمة نفسها لاحظ المستشرقان الألمانيان Watzinger و Wulzinger وجود تل اصطناعي قرب مركزها والذي قام فوق أنقاض قصر الملك أنطيوخوس التاسع (116-96 قبل الميلاد حسب Sauvaget. أضاف هذا الأخير أن هذا المكان يوافق "البريص" وأن القصر الهلنستي حل محل آخر فارسي قبله والذي بني بدوره على بقايا قصور الملوك الآراميين. 

التل الاصطناعي حوالي 200 متر جنوب الجامع الأموي حسب فالسنجر وفاتسنجر

المصادر الرئيسة للكتاب ثلاثة: مصرية وآشورية وتوراتية (بالأحرى من الكتاب المقدس) وهي بطبيعة الحال محدودة ومتقطعة لا بل وأحياناً متناقضة. بالنسبة للألف الثاني قبل الميلاد عرفت المنطقة المخيطة بدمشق باسم Apu أو Apum وأما بالألف الأول فقد أصبحت التسمية آرام. كان اهتمام الكثير من المصادر قبل هذا الكتاب بمدينة دمشق عائد إلى المكان البارز لها في الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية ومن هنا الخلط بين التاريخ الموثق وسير الرواة وقد حاول الكاتب جهده أن يفرق بين الإثنين ولكنه اضطر في عدة مواضع أن يلجأ إلى نصوص العهد القديم ومقارنتها قدر الإمكان مع بقية المصادر والتي لم تخل بالطبع من المبالغات والمغالطات. تجدر هنا الإشارة أن Pettinato قال أن دمشق مذكورة بلوحات إيبلا تل مرديخ من الألف الثالث قبل الميلاد ولكن هذه اللوحات لم تكن منشورة لدى صدور الكتاب. 

كان الظهور الأول لمدينة دمشق بهذا الإسم على مسرح التاريخ على لائحة المدن التي غزاها الفرعون تحوتمس الثالث (1479-1425 قبل الميلاد) كما دونت على جدران معبد الكرنك في الأقصر وكان هذا بعد أن هزم هذا الملك ائتلافاً آسيوياً في معركة Megiddo عام 1457. الظهور الثاني كان في عهد أمنحتب الثالث (1391-1353) في مدفن ومعبد له في طيبة كإحدى المدن ضمن منطقة نفوذ مصروهناك ذكر لها في بعض رسائل العمارنة. علاوة على ما سبق تم اكتشاف رسالة من أحد فراعنة مصر خلال حفريات جنوب وادي البقاع في لبنان عام 1969 للميلاد يأمر فيه العاهل المصري ملك دمشق Zalaia أن يرسل عدداً من الناس إلى مصر بهدف توطينهم في النوبة.

باختصار كانت دمشق محدودة الأهمية وقتها وكل ما نعرفه عنها أنها كانت موجودة وأن لها "ملكاً" يدبر أمورها وأن ولائها كان لمصر وأنها كانت حقلاً للصراع بين الإمبراطوريات المجاورة كالمصرية والحثية. 

بعد فترة إنتقالية طويلة نسبياً يظهر الآراميون وتظهر دمشق من جديد في عهد الملك داود (حوالي العام 1000 قبل الميلاد) ولا يوجد هنا مصادر باستثناء الكتاب المقدس وتحديداً أسفار الملوك وأخبار الأيام واللذان يعلماننا أن داود استولى على المدينة إلى أن تمردت في عهد سليمان. الإنطباع هنا أن إسرائيل قوية وآرام ضعيفة ولكن صعود المملكة الآرامية بدأ بعد موت سليمان إلى أن أصبحت عاصمة أقوى دولة في غرب سوريا في منتصف القرن التاسع قبل الميلاد وهنا تتقاطع المصادر الدينية مع الكتابات الآشورية مع التوكيد أن كافة هذه المصادر دون إستثناء خارجية. 

آرام دمشق في منتصف القرن التاسع قبل الميلاد


شهد القرن التاسع حملات آشورية متكررة ضد سوريا تصدى لها إئتلاف من عديد من الدويلات أهمها دمشق (آرام دمشق) وحماة وإسرائيل ولكن هذا الإتلاف تفكك بالنتيجة إذ تدهورت العلاقة بين دمشق تحت ملكها Hazael وإسرائيل وتصالحت حماة مع آشور وبالنتيجة اضطرت دمشق أن تواجه الآشوريين وشلمنصر الثالث وحيدة وقام هذا الأخير في إحدى حملاته بتطويق المدينة وقطع الأشجار المحيطة بها. شهد عهد Hazael من 842 إلى 796 قبل الميلاد أوج قوة آرام دمشق التي توسعت على حساب إسرائيل والتي أصبحت تابعة لها أما آخر حملات شلمنصر الثالث ضد دمشق فكانت عام 837 قبل الميلاد. 

آرام دمشق تحت حكم هازائيل أي أقصى إتساع لها


نجح أداد نيراري الثالث بفرض الجزية على دمشق عام 796 واستمر الآشوريون بالضغط باتجاه الشرق وحاولت دمشق التصدي لهم بمشاركة إسرائيل بينما مالت يهوذا للتعاون مع غزاة الشرق وبالنتيجة تعلمنا النصوص الآشورية أن المدينة سقطت على يد تغلات فلاصر الثالث عام 732 قبل الميلاد.

آخر ملوك دمشق الآراميين



1 comment:

  1. Dr. Pitard's work attempts to fill a sorely missing gap in the history of a city often described as the oldest continuously inhabited capital on earth. The available sources are a mixture of epigraphic evidence (mostly Assyrian and Egyptian) and tradition (Old Testament). Despite a rather heavy utilization of the biblical narrative the picture remains incomplete and the continuity sketchy at best. Those shortcomings are no surprise: a thorough archaeological study of the Old City has yet to be initiated but meanwhile this book should serve as a brief review for those interested.

    ReplyDelete