كتاب موزع بين مجلدين صدر عام 1838 للمؤلف Charles G. Addison وهو محام ورحالة بريطاني مات عام 1866. عنوان الكتاب "دمشق وتدمر" أو "رحلة إلى المشرق" ويهدف إلى وصف وضع سوريا في ثلاثينات القرن التاسع عشر أي تحت حكم إبراهيم باشا مع محاولة رسم صورة عن توجهاتها المستقبلية كما بدت وقتها للكاتب. يمكن قراءة الكتاب بالمجان على الرابط الملحق وقد أرفقت رابطاً مستقلاً للوحاته الملونة.
المؤلف بريطاني قلباً وقالباً ويفخر بمجد وسؤدد الإمبراطورية التي ينتمي إليها وتفوقها على كل الأصعدة ولا غرابة في ذلك بعد أن كرست هزيمة نابوليون من جهة وقوة الأسطول البريطاني من جهة أخرى القرن التاسع عشر قرناً بريطانياً. يترتب على ذلك أنه من الممكن أن يفتتن الأوروبيون الغربيون بسحر الشرق ولكن تبفى نظرتهم إليه فوقية يمتزج فيها الفضول مع الشفقة مع الازدراء مع الرغبة في تحسين أوضاع الشرقيين المساكين أو على الأقل إجهارالنية الحسنة بهدف المتاجرة فيها.
يبدأ الكاتب رحلته في نيسان 1835 من جزيرة مالطا متجهاً إلى اليونان التي استقلت حديثاً عن العثمانيين وكانت لا تزال في حالة يرثى لها ومن ثم ينتقل إلى محطته التالية في آسيا الصغرى قلب الإمبراطورية العثمانية وعلى رأسها في ذلك الوقت السلطان المصلح محمود الثاني الذي قضى على الإنكشارية وأدخل الطربوش كبديل للعمامة في محاولة للحاق بركب التقدم عن طريق تغيير أشياء كثيرة بما فيها الأزياء وهنا لا يتردد الكاتب في السخرية من هذه الإصلاحات التي تناولت القشور وأهملت اللباب.
المجلد الثاني هو بيت القصيد إذ يتناول رحلة السيد Addison إلى سوريا والتي بدأت من لبنان حيث قابل إبراهيم باشا والأمير بشير الشهابي ولم يفته التعرض للموارنة والدروز وقصة إعتناق الأمير بشير للمسيحية قبل أن يواصل رحلته إلى دمشق التي وصلها في 12 تشرين أول عام 1835.
تختلف دمشق النصف الأول من القرن التاسع عشر اختلافاً جذرياً عن دمشق اليوم. كانت المدينة وقتها لا تزال معزولة إلى حد كبير عن العالم الخارجي وبالتالي شرقية ومحافظة وعلى سبيل المثال لا يسمح للمسيحيين فيها بدخول الجامع الاموي ولا يباع القرآن للأجانب (عندما حاول الكاتب شراء نسخة طرده صاحب المكتبة شر طردة مع وابل من الشتائم واللعنات استمطرها على رأس "الكلب الكافر"). ومع ذلك فقد نجح Addison بعد جهد جهيد أن يقنع بوساطة قرينة القنصل البريطاني إحدى جميلات صبايا دمشق أن تقف بثيابها الزاهية كموديل للرسم مما أناح له وصفها ووصف الزي الذي ارتدته بتفصيل معقول.
فتاة دمشقية |
ينتقل المؤلف لوصف أسواق دمشق ذات المتاجر التي تفتقد إلى الواجهات (أي الفترينات) وحماماتها التي تخصص في أيام وأوقات معينة للنساء والويل كل الويل لأي رجل يحول الدخول للحمام في هذه الأوقات تحت عقوبة الموت. عن بيوت دمشق يصف الكاتب منزل علي آغا خزنة كاتبي (يعرف حالياً ببيت نظام) الذي زاره وتعرف على صاحبه. بالطبع يتعرض Addison لمعالم دمشق خاصة ما له صلة مع التاريخ اليهودي والمسيحي وهو ذو إلمام لا بأس به أبداً بتاريخها القديم والإسلامي (يركز هنا على هزال المصادر اليونانية عن فتح سوريا وأن المعلومات المتداولة جميعها عملياً إسلامية المصدر خاصةً عن طريق الواقدي) حتى حملة إبراهيم باشا ومن ثم دخول القنصل البريطاني Farren للمدينة عام 1833 للميلاد.
سيدة دمشقية بقبقابها العالي |
يقوم صاحبنا في خلال ترحاله بزيارة تدمر التي اكتشفها الإنجليز للمرة الأولى عام 1691 ويقارن بين عظمة ماضيها وجلال آثارها وبين تواضع البلدة المعاصرة التي عاينها ويشكك في رأي البعض أن اسمها Palmyra مشتق من النخيل Palm حيث أن مصدره إغريقي وليس لاتينياً. يضيف أن الكلمة السورية "تدمر" يقابلها Thadamoura حسب المؤرخ اليهودي Josephus في عهد الرومان.
يختم الكاتب بعدة صفحات يمكن النظر إليها كمحاولة منه "لتشخيص أمراض" سوريا واقتراح العلاج المناسب وهو هنا يدين بالطبع الإدارة العثمانية التي تخلفت عن ركب التقدم ولكنه يتشائم بنفس الوقت من مستقبل سوريا في ظل إبراهيم باشا (وعامله في دمشق شريف باشا) وإمبراطورية محمد علي المتمركزة في مصر إذ في رأيه أن نجاح المصريين عسكرياً لا يعني بالضرورة رفاه البلاد إقتصادياً خاصةً عندما ترزح تحت الضرائب التي تمتصها إدارة مكلفة ومجهود حربي باهظ الثمن مما يفقد السكان وخصوصاً الفلاحين أي حافز للاستثمار في الأرض عندما لا يرون أملاً في تحسين حياتهم ومستقبل أطفالهم.
https://archive.org/details/damascusandpalm03addigoog
https://commons.wikimedia.org/wiki/Category:Damascus_and_Palmyra_(1838)_by_ADDISON
No comments:
Post a Comment