Saturday, April 1, 2017

الروضة الغناء في دمشق الفيحاء

موضوع البحث هنا ليس بالضبط كتاب نعمان القساطلي الشهير "الروضة الغناء في دمشق الفيحاء" وإنما الجزء الثاني منه كما شرحه وعلق عليه باللغة الفرنسية السيد غريغوار باليفيه في كتيب مؤلف من ثمانبن صفحة صدر عام 2014. النص الكامل لكتاب القساطلي موجود ويمكن تحميله بالمجان على الرابط أدناه. 



عنوان كتاب السيد باليفيه "دمشق في نهاية عهد الإمبراطورية العثمانية" وهو يتكلم تحديداً عن منتصف سبعينات القرن التاسع عشر. اختصاراً للأسطر سأقوم عوضاً عن تقديم الكاتب بتحميل سيرته كما وردت في مقدمة الكتاب لمن يهمه الأمر.


لنتعرف بسرعة على نعمان أفندي 1854-1920. ولد نعمان ابن عبده ابن يوسف البيروتي القساطلي المسيحي في دمشق لعائلة مسيحية مثقفة ونجا بالكاد من الموت في عمر لا يتجاوز ستة سنوات كضحية لمذبحة 1860 عندما اختبأ في أحد الأفران. درس العربية والرياضيات ونشر روايات في مجلة "الجنان" لبطرس البستاني ومقالات في "لسان الحال" لخليل سركيس أما عن كتابه الشهير "الروضة الغناء" فقد نشرته المطبعة الأمريكية في بيروت عام 1879. تجدر الإشارة هنا أن شقيقته سلمى كانت طبيبة درست في بيروت وحصلت على شهادة اختصاص بالنسائية من القصر العيني في مصر.

يتكون كتاب الروضة الغناء من ثلاثة أجزاء: الأول يسرد تاريخ المدينة والثاني وصفها والثالث وفيات وتراجم أشخاص تركوا أثرهم فيها بشكل أو بآخر. يتناول السيد باليفيه الجزء الثاني لا غير وعله الأهم على الأقل من وجهة نظر معاصرة. 

يتميز أسلوب القساطلي بالسلاسة والسهولة على غرار الأدلة الموجهة للسياح الأجانب بلغاتهم في ذلك الحين مع فارق هام: هذه الادلة ركزت أولاً وآخراً على ما يهم الزائر الغربي أي المعالم التي تتصل بالتاريخ كما رواه الكتاب المقدس إضافة إلى الآثار اليونانية والرومانية بينما أعطى نعمان أفندي رؤيا محلية 100% لمدينة عرفها جيداً وأحبها. 

يصف الكتاب في جملة ما يصفه أسواق دمشق وكنائسها وجوامعها (الأهم منها كون عددها أكثر من أن يتسع له كتاب بهذا الحجم) وحماماتها ومقاهيها وخاناتها وفندقها الوحيد (دميتري) وتوزيع أحيائها وأبوابها وقلعتها ومنتزهاتها ومدارسها ومكتباتها وتجارتها وحرفها قبل أن ينتقل إلى عادات الدمشقيين وأزيائهم ومراسم الخطبة والزواج حسب طوائفهم ومآتمهم وأخيراً -وباختصار- حكومتهم.

لا مجال هنا للدخول في التفاصيل ويكفي هنا التوكيد أن الصورة التي رسمها نعمان أفندي لمدينته الحبيبة مشرقة إل حد كبير. فلنأخذ على سبيل المثال التعليم: استوعبت المدارس المسيحية وقتها 1145 طالب و41 معلم و1070 طالبة و32 معلمة ولكنه سلم بأن الأرقام المتعلقة بمدارس المسلمبن كانت أقل دقة كون التعليم هنا موزع بين ديني (سواء كان في الجوامع أو المنازل على يد العلماء أي المشايخ) وحكومي وفيما يتعلق بهذا الأخير ذكر أن الإحصائيات الرسمية قدرت عدد الطلاب ب 1300 والطالبات 249 وأضاف إلى هذا 250 طالباً في المدارس الرشدية (مدارس ثانوية تحضر طلابها للاحتراف بالجيش) و 100 طالب في الكلية الحربية. بالنسبة لليهود يذكر القساطلي أن عدد طلابهم بلغ 350 ولكنه يتحفظ فيقول أن مستوى تعليمهم ضعيف رغم ثراء هذه الطائفة. 

يؤكد نعمان القساطلي أن سوريا بلد غني وأن مستقبلها يدعوا للتفاؤل وأن عائداتها أكبر بكثير من نفقاتها شريطة القضاء على الفساد ويأمل خيراً بولاية مدحت باشا التي بدأت عام 1878. شهد هذا العام مؤتمر برلين ومرحلة جديدة في تقسيم أو بالأحرى تقاسم القوى الأوروبية لما تبقى من أراضي الدولة العثمانية.


http://ia801406.us.archive.org/27/items/tar01/003.pdf


No comments:

Post a Comment