Friday, August 4, 2017

أوغاريت

من منّا يجهل هذا الأمير الأوغاريتي الذي زيّنت صورته ورقة الخمسمائة ليرة لسنين عديدة كانت هذه القطعة النقديّة خلالها -الأعلى قيمة آنذاك- تدعى "أمّ الطربوش"؟ يبلغ ارتفاع هذا التمثال الجزئي المصنوع من العاج ١٦ سنتيمتراً ويعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد وهو أحد أثمن كنوز متحف دمشق الوطني.


شائت الصدفة أن يقع فلّاح سوري على مدفن يحتوي على العديد من المخلّفات الفخّارية أثناء حراثة حقله في آذار عام ١٩٢٨ وكان هذا بالقرب من خليج المينا البيضا على بعد حوالي اثني عشر كيلومتراً من عروس الساحل اللاذقيّة وأرسلت السلطات المعنيّة في العام اللاحق بعثة للتنقيب في تلّ رأس شمرة المجاور بقيادة العالم الفرنسي  Claude Schaeffer وكانت النتيجة اكتشاف مدينة أوغاريت الكنعانيّة التي ذكرتها نصوص تلّ العمارنة المصريّة وبعض الوثائق الحثيّة. 

تبيّن بسبر الموقع أنّه كان مأهولاً منذ الألف السابع قبل الميلاد أي قبل اكتشاف الفخّار وظهر البرونز لاحقاً في الألف الثالث عندما أتى الكنعانيّون (أو الفينيقيّون كما سمّاهم الإغريق) وفرضوا لغتهم على السكّان الأصلييّن وسيطروا بالتيجة على المدينة نحو ٢٣٠٠ ق.م.

 تطوّرت المدينة وازدهرت في بداية الألف الثاني وأقامت علاقات تجاريّة مع وادي النيل وكريت واليونان وقبرص وأتاها العديد من الوافدين من الحورييّن والحثييّن والقبارصة والمصرييّن الذين أغنوا حضارتها. ازداد النفوذ المصري اعتباراً من القرن السادس عشر ق.م. وفي النصف الأوّل للقرن الخامس عشر أرسل تحوتمس الثالث إلى أوغاريت مجموعة من عسكره المرتزقة للإقامة فيها. وقعت المدينة في دائرة نفوذ الحثييّن في القرن الثالث عشر بعد معركة قادش التي تلاها اقتسام سوريا بينهم وبين المصرييّن.

 كانت نهاية أوغاريت على يد شعوب البحر القادمين من الشمال والذين دمّروها في مطلع القرن الثاني عشر وعاثوا فساداً في الساحل السوري. 


Gérard Degeorge 

Syrie
Art, Histoire, Architecture

Hermann, éditeurs des sciences et des arts
1983

No comments:

Post a Comment